قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} [آل عمران: 183]، " أي: هم الذين قالوا إِن الله أمرنا وأوصانا في التوراة، أن لا نصدق لرسول حتى يأتينا بآية خاصة وهي أن يقدّم قربناناً فتنزل نار من السماء فتأكله" (?).

قال الحسن: " كذبوا على الله" (?).

قال الطبري: أي: " لقد سمع الله قول الذين قالوا: إن الله أوصانا، وتقدم إلينا في كتبه وعلى ألسن أنبيائه أن لا نصدِّق رسولا فيما يقول إنه جاء به من عند الله من أمر ونهي وغير ذلك حتى يجيئنا بقربان، وهو ما تقرَّب به العبد إلى ربه من صدقة" (?).

قال الثعلبي: " قال المفسرون: كانت القرابين والغنائم تحل لبني إسرائيل، فكانوا إذا قربوا قربانا وغنموا غنيمة فإن تقبل منهم ذلك جاءت نار بيضاء من السماء لا دخان لها ولها دوي وحفيف، فتأكل ذلك القربان وتلك الغنيمة وتحرقهما، فيكون ذلك علامة القبول، وإذا لم يقبل بقي على حاله ... ومعنى الآية تكذيبهم يا محمد إياك مع علمهم بصدقك، كقتل آبائهم الأنبياء مع الإتيان بالقربان والمعجزات" (?).

قال ابن عباس: " كان الرجل يتصدق، فإذا تُقُبِّل منه، أنزلت عليه نارٌ من السماء فأكلته" (?).

قال الضحاك: " كان الرجل إذا تصدق بصدقة فتُقُبِّلت منه، بعث الله نارًا من السماء فنزلت على القربان فأكلته" (?). وعنه أيضا قال: " هم اليهود" (?).

ذكر الثعلبي والواحدي (?) عن عطاء: "كانت بنو إسرائيل يذبحون لله فيأخذون الثروب وأطائب اللحم فيضعونها في وسط البيت والسقف مكشوف، فيقوم النبي في البيت ويناجي ربه، وبنو إسرائيل خارجون حول البيت، فتنزل نار فتأخذ ذلك القربان فيخر النبي ساجدا فيوحي الله عز وجل إليه بما شاء" (?).

وذكر الثعلبي والواحدي (?) عن السدي: "إن الله تعالى أمر بني إسرائيل في التوراة: من جاءكم من أحد يزعم أنه رسول فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله النار حتى يأتيكم المسيح ومحمد، فإذا أتياكم فآمنوا بهما فإنهما يأتيان بغير قربان، قال الله تعالى إقامة للحجة عليهم: قل يا محمد قد جاءكم يا معشر اليهود {رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم}، من القربان، {فلم قتلتموهم}، يعني: زكريا ويحيى وسائر من قتلوا من الأنبياء، وأراد بذلك أسلافهم، فخاطبهم بذلك لأنهم رضوا بفعل أسلافهم" (?).

قال ابن حجر: " إن ثبت هذا الذي نقله السدي من أنهم حذفوا من التوراة استثناء المسيح ومحمد أزال أشكالًا كبيرًا" (?).

و{القربان}: "البرّ الذي يتقرب به إلى الله، وأصله المصدر، من قولك: قرب قربانا، ومثل الكفران والرجحان والخسران، ثم سمي به نفس المتقرب به" (?).

قال الراغب: " {القربان}: اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى، وكثر استعماله في النسيكة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015