1 - إثبات سمع الله عزّ وجل، لقوله: {لقد سمع الله}، والسمع هنا بمعنى إدراك الصوت وإن خفي، والمراد هنا: التهديد، والعلماء قسموا سمع الله عزّ وجل إلى قسمين: السمع بمعنى الإستجابة، والسمع بمعنى إدراك الأصوات.
2 - بيان ما عليه اليهود من الوقاحة والعدوان، وذلك بوصف الربّ عزّ وجل بأنه فقير، بل ولشدة وقاحتهم قالوا: ونحن أغنياء، فهم بذلك أثبتوا الكمال لأنفسهم والنقص لله عزّ وجل، فسبحان الله عمّا يصفون.
3 - اعتداء اليهود على رسل الله بقتلهم بغير حق، فصار منهم عدوان على مقام التوحيد ومقام الرسالة.
4 - أن هؤلاء سوف يذوقون العذاب بالألم البدني والألم النفسي، ففي قوله: {عذاب الحريق}: ألم بدني، وفي قوله: {وذوقوا}: ألم نفسي، لأن هذا توبيخ وإهانة، فالأمر هنا للتوبيخ والإهانة.
5 - الردّ على من قال بأن أهل النار لايذوقون العذاب، لأن أجسامهم تأخذ على النار وتتكيف بها، فيصبحون لايذوقون ألما، لقوله: {وذوقوا عذاب الحريق}، وفيه بيان قدرة الله إذ يحترق جلود هؤلاء وتنضج جلودهم وكلما نضجت جلودهم بدّلوا جلودا غيرها، ومع ذلك لايموتون مع أن مثل هذا الحريق لو أصاب احدا في الدنيا لهلك كما قال سبحانه: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} [الأعلى: 13]، فلايموت فيستريخ ولا يحيا حياة هنيئة.
القرآن
{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} [آل عمران: 182]
التفسير:
ذلك العذاب الشديد بسبب ما قدَّمتموه في حياتكم الدنيا من المعاصي القولية والفعلية والاعتقادية، وأن الله ليس بظلام للعببد.
قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران: 182]، "أي: ذلك العذاب بما اقترفته أيديكم من الجرائم" (?).
قال السمعاني: " يعني: بما قدمتم، وذكر أيديكم تأكيدا" (?).
قال الطبري: " أي: قولنا لهم يوم القيامة، ذوقوا عذاب الحريق، بما أسلفت أيديكم واكتسبتها أيام حياتكم في الدنيا" (?).
قال الواحدي: أي: ذلك العذاب بما سلفت من إجرامكم" (?).
قال الراغب: " أي نكتب ما قالوا ونعاقبهم عليه جزاء لما ارتكبوه. إن قيل: لم خص اليد، وفيما ذكره عنهم أفعال بغيرها من الجوارح؟
قيل: لما كانت اليد هي الآلة الصانعة المختصة بالإنسان، فإنه لما كفى كل واحد من الحيوانات بما احتاج إليه من الأسلحة والملابس، وسخره لاستعمالها في الدفع عن نفسه، وخلق الإنسان عاريا من كل ذلك، جعل له الرؤية واليد الصانعة، ليعلم برؤيته، وليعمل بيده فوق ما أعطى الحيوانات، فلما كان لليد هذه الخصوصية صارت تخص بإضافة عمل الجملة إليها" (?).
قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران: 182]، "أي: وأنه سبحانه عادل ليس بظالم للخلق" (?).
قال السمعاني: " يعني: أنه يفعل ما يفعل بهم؛ مجازاة لهم على أعمالهم" (?).
قال الطبري: أي: " وبأن الله عَدْل لا يجورُ فيعاقب عبدًا له بغير استحقاق منه العقوبةَ، ولكنه يجازي كل نفس بما كسبت، ويوفّي كل عامل جزاء ما عمل، فجازى الذين قال لهم ذلك يوم القيامة من اليهود الذين وصف صفتهم، فأخبر عنهم أنهم قالوا: إنّ الله فقير ونحن أغنياء، وقتلوا الأنبياء بغير حق بما جازاهم به من عذاب الحريق، بما اكتسبوا من الآثام، واجترحوا من السيئات، وكذبوا على الله بعد الإعذار إليهم بالإنذار. فلم يكن