قيل: إنّ معنى ذلك على غير الوجه الذي ذهبت إليه. وإنما قيل ذلك كذلك، لأن الذين عنى الله تبارك وتعالى بهذه الآية، كانوا راضين بما فعل أوائلهم من قتل من قتلوا من الأنبياء، وكانوا منهم وعلى منهاجهم، من استحلال ذلك واستجازته. فأضاف جلّ ثناؤه فعلَ ما فعله من كانوا على منهاجه وطريقته، إلى جميعهم، إذ كانوا أهل ملة واحدة ونحْلة واحدة، وبالرِّضى من جميعهم فَعل ما فعل فاعلُ ذلك منهم، على ما بينا من نظائره فيما مضى قبل" (?).

قال ابن مسعود: " كان بنو إسرائيل يقتلون في اليوم ثلاثمائة نبي، ثم يقوم سوق بنقلهم مع آخر النهار" (?).

قرأ حمزة وحده: {سيكتب ما قالوا}: بالياء {وقتلهم}: رفعا، و {الأنبياء}: نصبا، {ويقول}: بالياء، وقرأ الباقون {سنكتب ما قالوا} بالنون {وقتلهم} نصبا {ونقول} بالنون (?).

قوله تعالى: {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران: 181]، "أي: ويقول الله لهم في الآخرة على لسان الملائكة: ذوقوا عذاب النار المحرقة الملتهبة" (?).

قال مقاتل: " أي: تقول لهم خزنة جهنم في الآخرة: {ذوقوا عذاب الحريق} " (?).

قال الطبري: أي: " ونقول للقائلين بأن الله فقيرٌ ونحن أغنياء، القاتلين أنبياء الله بغير حقّ يوم القيامة ذوقوا عذاب الحريق، يعني بذلك: عذاب نار محرقة ملتهبة" (?).

قال الزجاج: " ومعنى {عذاب الحريق}، أي: عذاب محرق - بالنار، لأن العذاب يكون بغيرالنار، فأعلم أن مجازاة هؤلاء هذا العذاب، وقوله: {ذوقوا} هذه كلمة تقال للشيء يوئس من العفو يقال ذق ما أنت فيه، أي: لست بمتخلص منه" (?).

قال أبو عبيدة: {عذاب الحريق}: النار، اسم جامع يكون نارا، ويكون حريقا وغير حريق، فإذا التهب فهي حريق " (?).

قال الزمخشري: أي: " وننتقم منهم بأن نقول لهم يوم القيامة: {ذوقوا عذاب الحريق}، كما أذقتم المسلمين الغصص. يقال للمنتقم منه: أحس، وذق. وقال أبو سفيان لحمزة- رضى الله عنه-: «ذق عقق» (?) " (?).

قال أبو حيان: " واستعير لمباشرة العذاب الذوق، لأن الذوق من أبلغ أنواع المباشرة، وحاستها متميزة جدا. والحريق:

المحرق فعيل بمعنى مفعل، كأليم بمعنى مؤلم. وقيل: الحريق طبقة من طباق جهنم.

وقيل: الحريق الملتهب من النار، والنار تشمل الملتهبة وغير الملتهبة، والملتهبة أشدها.

والظاهر إن هذا القول يكون عند دخولهم جهنم. وقيل: قد يكون عند الحساب، أو عند الموت" (?).

قال الحسن: "بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة" (?).

الفوائد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015