قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181]، أي: " لقد سمع الله قول الذين قالوا من اليهود: إن الله فقير إلينا ونحن أغنياء عنه" (?).

قال ابن زيد: " هؤلاء يهود" (?).

قال السدي: " قالها فنحاص اليهوديّ من بني مَرثد، لقيه أبو بكر فكلمه فقال له: يا فنحاص، اتق الله وآمن وصدِّق، وأقرض الله قرضًا حسنًا! فقال فنحاص: يا أبا بكر، تزعم أن ربنا فقير يستقرِضنا أموالنا! وما يستقرض إلا الفقير من الغني! إن كان ما تقول حقًّا، فإن الله إذًا لفقير! فأنزل الله عز وجل هذا، فقال أبو بكر: فلولا هُدنة كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بني مَرثد لقتلته" (?).

قال مجاهد: " صكّ أبو بكر رجلا منهم الذين قالوا: إنّ الله فقير ونحن أغنياء، لم يستقرضنا وهو غني؟ ! وهم يهود" (?).

قال الزجاج: " هؤلاء رؤساء أهل الكتاب لما نزلت {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} قالوا نرى أن إله محمد يستقرض منا فنحن إذن أغنياء. وهو فقير، وقالوا هذا تلبيسا على ضعفتهم، وهم يعلمون أن الله عز وجل: لا يستقرض من عوز، ولكنه يبلو الأخيار فهم يعلمون أن الله سمى الإعطاء والصدقة قرضا، يؤكد به - أن أضعافه ترجع إلى أهله، وهو عز وجل يقبض ويبسط أى يوسع ويقتر، فأعلم الله عز وجل أنه قد سمع مقالتهم، وأعلم أن ذلك مثبت عليهم، وأنهم إليه يرجعون فيجازيهم على ذلك وأنه خبير بعملهم" (?).

قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 181]، أي: " سنكتب ما قالوا من الإفك والفرية على ربهم، وقتلهم أنبياءهم بغير حق" (?).

عن أبي عبيدة: " {سنكتب ما قالوا} سنحفظ عليهم " (?).

قال مقاتل: " فأمر الحفظة أن تكتب كل ما قالوا وتكتب قتلهم الأنبياء بغير حق" (?).

وقال الكلبي: "سنوجب عليهم في الآخرة جزاء ما قالوا في الدنيا" (?).

وقال الواقدي: " سيؤمن الحفظة من الكتاب، نظيره قوله: {وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} [الأنبياء: 94] " (?).

قال الواحدي: " أَيْ: نأمر الحفظة بإثبات ذلك في صحائف أعمالهم" (?).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن أبي يزيد المرادي- وهو النعمان بن قيس- عن العلاء بن بدر، قلت: أرأيت قوله: {وقتلهم الأنبياء بغير حق}، وهم لم يدركوا ذلك؟ قال: بموالاتهم الذي قتل أنبياء الله" (?).

قال الأخفش: " قال تعالى: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق}، وقد مضى لذلك دهر، فانما يعني: سنكتب ما قالوا على من رضي به من بعدهم أيام يرضاه" (?).

قال الطبري: " فإن قال قائل: كيف قيل: وقتلهم الأنبياء بغير حق، وقد ذكرت في الآثار التي رويتَ، أن الذين عنوا بقوله: لقد سمع الله قول الذين قالوا إنّ الله فقيرٌ بعض اليهود الذين كانوا على عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن من أولئك أحدٌ قتل نبيًا من الأنبياء، لأنهم لم يدركوا نبيًا من أنبياء الله فيقتلوه؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015