وعن ابن عباس: " {عذاب}، يقول: نكال" (?).

قال الماتريدي: أي: " أراد ألا يجعل لهم في الآخرة حظا؛ والمعتزلة يقولون: بل أراد أن يجعل لهم حظا في الآخرة؛ إذ يقولون: أراد لهم الإيمان، وبالإيمان يكون لهم الحظ في الآخرة، فثبت بالآية أنه لم يكن أراد لهم الإيمان، والآية في قوم خاص علم الله - تعالى - أنهم لا يؤمنون أبدا؛ فأراد ألا يجعل لهم حطا في الآخرة، ولو كان على ما تقوله المعتزلة: بأنه أراد أن يجعل لهم حظا في الآخرة - لما أراد لهم أن يؤمنوا، ولكن لم يؤمنوا لكان حاصل قولهم: أراد الله ألا يجعل لمن أراد يؤمن في الآخرة، وذلك جور عندهم" (?).

قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 176]، "أي: ولهم فوق الحرمان من الثواب عذاب عظيم في نار جهنم " (?).

عن مقاتل بن حيان: " {عظيم}، يعني: عذابا وافرا" (?).

قال الطبري: " ثم أخبر أنهم مع حرمانهم ما حرموا من ثواب الآخرة، لهم عذاب عظيم في الآخرة، وذلك عذابُ النار" (?).

قال الماتريدي: " وذكر مرة: {أليم}، ومرة: {شديد}؛ لأن التعذيب بالنار أشد العذاب في الشاهد وأعظمه؛ لذلك أوعد بها في الغائب، وجعل شرابهم وطعامهم ولباسهم منها، فنعوذ بالله من ذلك" (?).

الفوائد:

1 - تهديد هؤلاء الذين يسارعون في الكفر.

2 - حرص النبي-صلى الله عليه وسلم- على هداية الخلق، لأنه يحزنه هؤلاء الذين يسارعون في الكفر، وبيان ما يلحق النبي-صلى الله عليه وسلم- من الهمّ ومن الحزن لعدم إسلام الأمة، وذلك لمحبته للخير -صلى الله عليه وسلم-.

3 - بيان ما يقع فيه سفهاء بني آدم من الخطأ والخطل كما في فعل هؤلاء، يسارعون في الكفر مع أنه ضرر عليهم وهلاك.

4 - بيان غنى الله عزّ وجل، وانتفاء الضرر عن الله وأنه لاتضره معصية العاصين كما لا تنفعه طاعة الطائعين.

5 - إثبات الإرادة لله عزّ وجل، لقوله: {يريد الله ألا يجعل لهم حظّا في الآخرة}.

6 - أنه لاحظّ للكافر في الآخرة، لأنه مخلد في النار.

7 - ومنها أن الكافر قد يكون له حظ في الدنيا، وكفره لايمنعه من الحظ في الدنيا.

8 - إثبات الآخرة، وأنها حق، وأن الناس ينقسمون فيها قسمين: منهم من له نصيب، ومنهم من لا نصيب له.

9 - إثبات العقوبة لهؤلاء الكفار، فليس حظهم ألا يجدوا حظا في الآخرة فقط، بل مع ذلك يعذبون-نسأل الله العافية-.

القرآن

{إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)} [آل عمران: 177]

التفسير:

إن الذين استبدلوا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئًا، بل ضرر فِعْلِهم يعود على أنفسهم، ولهم في الآخرة عذاب موجع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015