قال السعدي: " أي: يستبشرون بزوال المحذور عنهم وعن إخوانهم المستلزم كمال السرور" (?).
قال الطبري: " يعني بذلك: لا خوف عليهم، لأنهم قد أمنوا عقاب الله، وأيقنوا برضاه عنهم، فقد أمنوا الخوف الذي كانوا يخافونه من ذلك في الدنيا، ولا هم يحزنون على ما خلَّفوا وراءهم من أسباب الدنيا ونكد عيشها، للخفض الذي صارُوا إليه والدعة والزُّلْفة" (?).
الفوائد:
1 - أن هؤلاء الشهداء لهم شعور، لقوله: {فرحين}، لأن الفرح من الشعور النفسي.
2 - أن الفضل لله على عباده في الدنيا والآخرة.
3 - أن هؤلاء الشهداء يستبشرون، أي يبشّر بعضهم بعضا بالذين لم يلحقوا بهم من بعدهم.
4 - أن هؤلاء الشهداء ليس عليهم خوف ولا حزن.
القرآن
{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [آل عمران: 171]
التفسير:
وإنهم في فرحة غامرة بما أُعطوا من نعم الله وجزيل عطائه، وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين به، بل ينمِّيه ويزيده من فضله.
قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} [آل عمران: 171]، أي: " يفرحون بما حباهم به الله تعالى من عظيم كرامته عند ورودهم عليه، وبما أسبغ عليهم من الفضل وجزيل الثواب" (?).
قال محمد بن إسحاق: ": {يستبشرون بنعمة من الله وفضل} الآية، لما عاينوا من وفاء الموعود وعظيم الثواب" (?).
قال النسفي: أي: " يسرون بما أنعم الله عليهم وما تفضل عليهم من زيادة الكرامة" (?).
قال الحسن: "من قتل في سبيل الله يقدم إلى البشرى إلى ما قدم من خير في الجنة، ويقول: أخي تركته على مثل عملي، يقتل الآن، فيقدم على مثل ما قدمت عليه فيستبشر بالجنة" (?).
قال الماتريدي: " {وفضل}، أي: بدين من الله؛ كقوله - تعالى -: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]، قيل: بدينه، ويحتمل: {يستبشرون بنعمة من الله}: الجنة، {وفضل}: زيادات لهم وكرامات من الله، عز وجل" (?).
قال السمعاني: " قيل: أراد بالنعمة: قدر الكفاية، وبالفضل: ما زاد على الكفاية، ومعناه: لا يضيق عليهم، بل يوسع في العطاء، وقيل: ذكر الفضل تأكيدا للنعمة" (?).
قال الزمخشري: " ثم أكد تعالى استبشارهم بقوله: {يستبشرون بنعمة}، ثم بين تعالى بقوله: {وفضل}، فوقع إدخاله إياهم الجنة الذي هو فضل منه لا بعمل أحد، وأما النعمة في الجنة والدرجات فقد أخبر أنها على قدر الأعمال" (?).
قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 171]، أي: وإن الله" لا يبطل جزاء أعمال من صدّق رسوله واتبعه، وعمل بما جاءه من عند الله" (?).
قال مقاتل: " يعنى: أجر المصدقين بتوحيد الله" (?).