والثاني: قال ابن جريج: " {ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل}، قال: بايع اليهودَ رجالٌ من المسلمين في الجاهلية، فلما أسلموا تقاضوهم ثمنَ بُيوعهم، فقالوا: ليس لكم علينا أمانةٌ، ولا قضاءَ لكم عندنا، لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه! قال: وادّعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم، فقال الله عز وجل: {ويقولون على الله الكذبَ وهم يعلمون} " (?). وروي عن قتادة (?)، والسدي (?) ومقاتل (?) نحو ذلك.
قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75]، أي: " ومن أهل الكتاب الذي إنْ تأمنه، يا محمد، على عظيم من المال كثير، يؤدِّه إليك ولا يخنْك فيه" (?).
واختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل:
أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية، وهو قول معاذ بن جبل (?)، وأبي هريرة (?)، وعاصم بن أبي النجود (?)، ورواه زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " القنطار ألف أوقية ومئتا أوقية" (?).
والثاني: أنه ألف ومائتا دينار، وهو قول ابن عباس (?)، والضحاك (?)، والحسن (?)، وقد رواه الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (?).
والثالث: أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار، وهو قول ابن عباس (?)، والضحاك (?)، والحسن (?).
والرابع: أنه ثمانون ألفاً من الدراهم، أو مائة رطل من الذهب، وهو قول سعيد بن المسيب (?)، وقتادة (?)، وأبي صالح (?)، والسدي (?).
والخامس: أنه سبعون ألفاً، قاله ابن عمر (?)، ومجاهد (?).
والسادس: أنه ملء مسك ثور ذهباً، قاله أبو نضرة (?)، والكلبي (?).
والسابع: أنه المال الكثير، وهو قول الربيع (?).
والراجح أن القنطار: هو المال الكثير، كما قال الربيع بن أنس، ولا يحدُّ قدرُ وزنه بحدٍّ على تَعسُّف (?).