{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)} [آل عمران: 74]
التفسير:
إن الله يختص مِن خلقه مَن يشاء بالنبوة والهداية إلى أكمل الشرائع، والله ذو الإحسان والعطاء الكثير الواسع.
في سبب نزول الآية: قال السدي: "قال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: {قل إنّ الهدى هُدَى الله أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم}، يقول، مثل ما أوتيتم يا أمة محمد {أو يحاجوكم عند ربكم}، تقول اليهود: فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة، حتى أنزل علينا المن والسلوى فإن الذي أعطيتكم أفضلُ فقولوا: {إن الفضْل بيد الله يؤتيه من يشاء}، الآية" (?).
قوله تعالى: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 74]، أي: "يخص بالرحمة من يشاء" (?).
قال الحسن: " رحمته الإسلام يختص بها من يشاء" (?).
وقال مجاهد: "النبوّة، يخصُّ بها من يشاء" (?). وروي عن الربيع (?)، وابن جريج (?) مثل ذلك.
قال الطنطاوي: " أى يختص بالنبوة وما يترتب عليها من الهداية والنعم من يشاء من عباده" (?).
قال السمرقندي: " يعني: بدينه يعطيه من يشاء من عباده" (?).
قال ابن أبي زمنين: " أي: بدينه؛ وهو الإسلام، {من يشاء} يعني: المؤمنين" (?).
قال المراغي: " أي إن فضله الواسع ورحمته العامة يعطيهما بحسب مشيئته، لا كما يزعم أهل الكتاب من قصرها على الشعب المختار من بنى إسرائيل، فهو يبعث من يشاء نبيا ويبعثه رسولا" (?).
قال ابن كثير: "أي: اختصكم - أيها المؤمنون - من الفضل بما لا يُحَد ولا يُوصَف، بما شرف به نبيكم محمدًا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء وهداكم به لأحمد الشرائع" (?).
قوله تعالى: {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [آل عمران: 74]، أي: والله صاحب الفضل الواسع الكثير" (?).
قال السمرقندي: " أي ذو المن العظيم، لمن اختصه بالإسلام" (?).
قال سعيد بن جبير: " العظيم يعني: وافر" (?).
الفوائد:
1 - أن الله قد يرحم بعض العباد رحمة خاصة، وقد بيّن في آية أخرى أن الله يرحم من يستحق ذلك، وهو الذي تعرض لأسباب الرحمة، فقال: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16]، وقال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156].
2 - أنه لا اعتراض على الله في كونه يختص برحمته من يشاء من الناس، لأن الامر إليه وهو فضل إن شاء منعه وإن شاء أعطاه.
3 - جواز وصف غير الله بالعظين، لقوله: {ذو الفضل العظيم}.
4 - قال الماتريدي: " وقوله: {يختص برحمته من يشاء}، ينقض على المعتزلة قولهم بوجهين: