وقال قتادة: " يقول: " لما أنزل الله عز وجل كتابا مثل كتابكم، وبعث نبيا كنبيكم حسدتموهم على ذلك" (?). وروي عن الربيع بن انس مثل ذلك (?).
قال الأخفش: أي: " لا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم" (?).
قال السمرقندي: أي: " لن يعطى أحد مثل ما أوتيتم من دين الإسلام، والقرآن الذي فيه الحلال والحرام" (?).
قال ابن أي زمنين: أي: " فإنه لن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم" (?).
قال الزجاج: " قيل في المعنى: {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم}، أي: الهدى هو هذا الهدى، لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم" (?).
قال الزمخشري: " يعنى أن ما بكم من الحسد والبغي- أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من فضل العلم والكتاب- دعاكم إلى أن قلتم ما قلتم، والدليل عليه قراءة ابن كثير: {أأن يؤتى أحد}، بزيادة همزة الاستفهام للتقرير والتوبيخ، بمعنى: إلا أن يؤتى أحد" (?).
قال الفراء: أي: " لا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أوقعت {تؤمنوا}، على {أن يؤتى}، كأنه قال: ولا تؤمنوا أن يعطى أحد مثل ما أعطيتم، فهذا وجه.
ويقال: قد انقطع كلام اليهود عند قوله {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم}، ثم صار الكلام من قوله: قل يا محمد إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتى أهل الإسلام، وجاءت {أن}، لأن في قوله: {قل إن الهدى} مثل قوله: إن البيان بيان الله، فقد بين أنه لا يؤتى أحد مثل ما أوتى أهل الإسلام" (?).
قال الماتريدي: " أي: لن يؤتى - والله أعلم - من الكتاب والحجج، ويحتمل أن يكون صلة قوله: {إن الهدى هدى الله}، وهو دينه، أو ما دعا إليه، ثم يقول: {أن يؤتى} بمعنى: لن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أهل الإسلام من الحجج والبينات، التي توضح أن الحق في أيديكم" (?).
قال النّحّاس: " هذه الآية من أشكل ما في السورة وقد ذكرناه، والإعراب يبيّنها. فيها أقوال:
فمن قال: إنّ في الكلام تقديما وتأخيرا فإنّ المعنى: ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلّا من اتّبع دينكم وجعل اللام زائدة فهو عنده استثناء ليس من الأول وإلّا لم يجز التقديم.
ومن قال: المعنى على غير تقديم ولا تأخير جعل اللام أيضا زائدة أو متعلقة بمصدر، أي: لا تجعلوا تصديقكم إلّا لمن اتّبع دينكم بأن يؤتى أحد من العلم برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم مثل ما أوتيتم.
وتقدير ثالث: أي: كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم" (?).
فنستنتج أن في قوله تعالى: {أَنْ يُؤْتَى} [آل عمران: 73]، وجهان (?):
أحدهما: أن يتصل بقو له: {ولا تؤمنو}، تقديره: ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد، لكن حذف الجار لكثرة حذفه مع "أن".
والثاني: أن يتصل بقوله: {قل إن الهدى هدى الله}، ويكون كلام اليهود قد انقطع عند قوله: {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم}.
قوله تعالى: {أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 73]، أي: " أو خشية أن يحاجوكم به عند ربكم" (?).