وقال ابن جريج: {تكتمون الحق}، الإسلام، وأمرَ محمد صلى الله عليه وسلم {وأنتم تعلمون} أنّ محمدًا رسولُ الله، وأنّ الدين الإسلامُ" (?).

الفوائد:

1 - أن هؤلاء الكفار من اهل الكتاب كانوا يخادعون ويمكرون بلبس الحق بالباطل.

2 - الحذر وعدم الاغترار من اهل الباطل إذا لبسوا الحق بالباطل.

3 - التوبيخ لمن سلك هذ المسلك، فكل من كان على شاكلتهم يستحق هذا التوبيخ.

4 - وجوب بيان الحق على من علمه، لقوله: {وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

القرآن

{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)} [آل عمران: 72]

التفسير:

وقالت جماعة من أهل الكتاب من اليهود: صدِّقوا بالذي أُنزل على الذين آمنوا أول النهار واكفروا آخره; لعلهم يتشككون في دينهم، ويرجعون عنه.

في سبب نزول الآية قولان:

أحدهما: قال السدي: "كان أحبارُ قُرَى عربيةَ اثني عشر حبرًا، فقالوا لبعضهم: ادخلوا في دين محمد أول النهار، وقولوا: نشهد أن محمدًا حقّ صادقٌ، فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا: إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم، فحدَّثونا أن محمدًا كاذب، وأنكم لستم على شيء، وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم، لعلهم يشكّون، يقولون: هؤلاء كانوا معنا أوّل النهار، فما بالهم؟ فأخبر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك" (?). وروي عن ابن عباس (?)، وأبي مالك الغفاري، والحسن (?) نحو ذلك (?).

والثاني: نقل الواحدي عن مجاهد ومقاتل والكلبي: "هذا في شأن القبلة لما صرفت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود لمخالفتهم، قال كعب بن الأشرف وأصحابه: آمنوا بالذي أنزل على محمد من أمر الكعبة، وصلوا إليها أول النهار، ثم اكفروا بالكعبة آخر النهار، وارجعوا إلى قبلتكم الصخرة، لعلهم يقولون هؤلاء أهل كتاب وهم أعلم منا، فربما يرجعون إلى قبلتنا فحذر الله تعالى نبيه مكر هؤلاء، وأطلعه على سرهم، وأنزل: {وقالت طائفة من أهل الكتاب} الآية" (?).

قوله تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [آل عمران: 72]، أي: وقالت جماعة من اليهود (?).

قال الزجاج: " الطائفة الجماعة، وهم إليهود" (?).

وقد اختلف أهل التفسير في صفة المعنى الذي أمرت به هذه الطائفة من الإيمان وجه النهار وكفر آخره، وفيه قولان:

أحدهما: أن ذلك كان أمرًا منهم إياهم بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم في نبوّته وما جاء به من عند الله، وأنه حق، في الظاهر من غير تصديقه في ذلك بالعزم واعتقاد القلوب على ذلك وبالكفر به وجحود ذلك كله في آخره. وهذا قول قتادة (?)، وأبي مالك (?)، والسدي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015