والثاني: أنها: نزلت في يهود بني إسرائيل الذين كانوا حَوالى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا قول قتادة (?)، والربيع (?)، وابن جريح (?).

والثالث: أنها نزلت في قصة وفد نجران مع يهود المدينة وذلك حين اختصموا في إبراهيم.

قال الثعلبي: " قال المفسرون: قدم وفد نجران المدينة فالتقوا مع اليهود فاختصموا في إبراهيم فأتاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا محمد إنّا اختلفنا في إبراهيم ودينه فزعمت النصارى أنّه كان نصرانيا وهم على دينه وأولى النّاس به. وقالت اليهود: بل كان يهوديا وأنّهم على دينه وأولى النّاس به. فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كلا الفريقين بريء من إبراهيم ودينه بل كان إبراهيم حنيفا وأنا على دينه فأتبعوا دينه الإسلام. فقالت اليهود: يا محمد ما تريد إلا أن نتّخذك ربا كما اتخذت النصارى عيسى ربا. وقالت النصارى: والله يا محمد ما تريد إلا أن نقول فيك ما قالت اليهود في عزير. فأنزل الله تعالى: {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ عدل بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ} " (?).

قال ابن حجر: " أنزلها الله في قصة وفد نجران قبل أن يقع اجتماعهم باليهود، فلما أبوا وبذلوا الجزية واطمأنوا اجتمعوا بيهود المدينة عند النبي -صلى الله عليه وسلم- أو فيما بينهم، فتجادلوا إلى أن ذكروا إبراهيم ونزلت الآيات التي بعدها في إبراهيم" (?).

قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]، أي: "قل يا محمد لأهل الكتاب: هلمّوا إلى كلمة عدل بيننا وبينكم" (?).

قال الربيع: أي" عدل بيننا وبينكم" (?).

قال مقاتل: يعني: " كلمة العدل وهي الإخلاص" (?).

قال ابن كثير: " هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومن جرى مجراهم" (?).

وفي تفسير: {كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]، ثلاثة أقوال:

أحدها: أن كلمة السواء: لا إله إلا الله. قاله أبو العالية (?).

والثاني: أنها: الدعوة إلى الإسلام. قاله الحسن (?).

والثالث: أن الرسول-صلى الله عليه وسلم- دعاهم إلى النصف وقطع عنهم الحجة. وهذا قول محمد بن إسحاق (?)، ومحمد بن جعفر بن الزبير (?).

وفي الذين عناهم الله في الآية الكريمة قولان:

أحدهما: أنهم الوفد من نصارى نجران، وهذا قول الحسن والسدي (?)، وابن زيد (?)، ومحمد بن جعفر بن الزبير (?).

والثاني: انهم يهود المدينة، وهذا قول قتادة (?)، والربيع (?)، وابن جريح (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015