قال السعدي: أي: " فهو المألوه المعبود حقا الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ولا يستحق غيره مثقال ذرة من العبادة" (?).
قال الزجاج: " «من» دخلت توكيدا. ودليلا على نفي جميع من ادعى المشركون أنهم آلهة، أي إن عيسى ليس بإله، لأنهم زعموا إنه إله، فأعلم الله عز وجل أن لا إله إلا هو، وأن من آتاه الله آيات يعجز عنها المخلوقون فذلك غير مخرج له من العبودية لله، وتسميته إلها كفر بالله" (?).
قوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 62]، أي هو جل شأنه "العزيز في ملكه الحكيم في صنعه" (?).
قال الطبري: أي "العزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، الحكيم في تدبيره، لا يدخل ما دبره وَهَنٌ، ولا يلحقه خللٌ" (?).
الفوائد:
1 - تأكيد أن ما اخبر الله به عيسى ابن مريم هو الحق، ويفرغ من هذه القاعدة ان كل ما خالفه مما تكلمت به النصارى في شأن عيسى فهو كذب باطل لايوافق الواقع.
2 - أنه لا إله في الوجود إلا الله، فهو وحدة المستحق بالعبادة، وفيه رد على إدعاء ألوهية المسيح.
3 - إثبات تمام العزة لله تعالى، قال: {لهو العزيز}، و «أل» هنا تفيد الاستغراق، أي: جميع انواع العزة ثابتة لله سبحانه وتعالى.
4 - إثبات تمام الحكمة لله تعالى، فقال: {الحكيم}، فيتفرغ أنه لا حاكم إلا الله.
القرآن
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63)} [آل عمران: 63]
التفسير:
فإن أعرضوا عن تصديقك واتباعك فهم المفسدون، والله عليم بهم، وسيجازيهم على ذلك.
قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} [آل عمران: 63]، "أي: فإن أعرضوا عما أتيت به من البيان" (?).
قال أبو عبيدة: " فإن كفروا، وتركوا أمر الله " (?).
قال محمد بن إسحاق: " فإن تولوا على كفرهم" (?).
قال البغوي: أي: " أعرضوا عن الإيمان" (?).
قال الطبري: أي: "فإن أدبر هؤلاء الذين حاجُّوك في عيسى، عما جاءك من الحق من عند ربك في عيسى وغيره من سائر ما آتاك الله من الهدى والبيان" (?).
قال الراغب: " أي إن أعرضوا عن الإصغاء إلى الحق والتزامه، وعن الإجابة إلى
المباهلة" (?).
قال الصابوني: " أي: إِن أعرضوا عن الإِقرار بالتوحيد" (?).
قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} [آل عمران: 63]، أي: " فإن الله يعلم من يفسد من خلقه فيجازيه على إفساده" (?).