عيسى إنه عبد، فأمر بالمباهلة بعد إقامة الحجة، لأن الحجة قد بلغت النهاية في البيان فأمر الله أن يجتمع هو والنساء والأبناء من المؤمنين، وأن يدعوهم إلى أن يتجمعوا هم وآباؤهم ونساؤهم، ثم يبتهلون ومعنى الابتهال في اللغة المبالغة في الدعاء، وأصله الالتعان ويقال بهله الله أي لعنه الله، ومعنى لعنة الله باعده الله من رحمته، يقال: ناقة باهل وباهلة إذا لم يكن عليها صرار، وقد أبهل الرجل ناقته إذا تركها بغير صرار ورجل باهل إذا لم يكن معه عصا. فتأويل البهل في اللغة المباعدة والمفارقة للشيء" (?).

قال ابن عباس: " لو خرج الذين يباهلون النبي صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا" (?).

قال ابن جريج: "قال لي ابن كثير: أما الذين دعوا إلى الابتهال فالنصارى" (?).

أخرج الطبري عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليتَ بيني وبيني أهل نجرانَ حجابًا فلا أراهم ولا يروني! من شْدّة ما كانوا يمارون النبي صلى الله عليه وسلم" (?).

الفوائد:

1 - إثبات أن ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- حق، لأن الله أمره أن يلتعن مع هؤلاء.

2 - ومن الفوائد: أنه لاتجوز المباهلة إلا بعلم يقيني.

3 - جواز طلب المباهلة عند عناد الخصم، لكن بشرطين: أولهما: العلم، والثاني أن تكون في امر هام.

4 - أن من آداب الالتعان احضار النساء والاولاد، لأنه أشد خوفا للنسا في المباهلة.

5 - جواز الدعاء بالله على من خالف الحق لكن بالوصف لا بالشخص، لأن الكاذبين وصف، أما الشخص فلايجوز الدعاء عليه حتى لو كان كافرا، لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- لما دعا على أبي جهل وغيره من كبار قريش، نهاه الله عن ذلك.

القرآن

{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62)} [آل عمران: 62]

التفسير:

إن هذا الذي أنبأتك به -أيها الرسول- من أمر عيسى لهو النبأ الحق الذي لا شك فيه، وما من معبود يستحق العبادة إلا الله وحده، وإن الله لهو العزيز في ملكه، الحكيم في تدبيره وفعله.

قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران: 62]، " أي: إن هذا الذي أوحينا إليك من هذه البينات والحجج التي آتيناك لهو القصص الحق" (?).

قال ابن كثير: " أي: هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في شأن عيسى هو الحق الذي لا مَعْدل عنه ولا محيد" (?).

قال ابن عباس: " يقول: إن هذا الذي قلنا في عيسى هو الحق" (?).

قال الطبري: " إن هذا الذي أنبأتك به، يا محمد، من أمر عيسى فقصصته عليك من أنبائه، وأنه عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتها إلى مريم وروح منّي، لهو القصَص والنبأ الحق، فاعلم ذلك" (?).

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 62]، " أي: ولا يوجد إله غير الله" (?).

قال الطبري: أي: " واعلم أنه ليس للخلق معبودٌ يستوجبُ عليهم العبادةَ بملكه إياهم إلا معبودك الذي تعبُدُه" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015