والخامس: أن الحواري: الوزير. قاله قتادة (?).
قال الطبري: " وأشبه الأقوال في معنى "الحواريين"، قولُ من قال: " سموا بذلك لبياض ثيابهم، ولأنهم كانوا غسّالين" (?).
قال ابن كثير: "والصحيح أن الحواري الناصر، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَدبَ الناس يوم الأحزاب، فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدَبَ الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير، فقال: "إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَاريًا وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ"" (?) " (?).
واختلفوا في سبب استنصار المسيح بالحواريين على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه استنصر بهم طلباً للحماية من الكفار الذين أرادوا قتله حين أظهر دعوته. وهذا قول مجاهد (?).
والثاني: أنه استنصر بهم ليتمكن من إقامة الحجة وإظهار الحق. وهذا معنى قول السدي (?)، والحسن (?).
والثالث: لتمييز المؤمن الموافق من الكافر المخالف. أفاده الماوردي (?).
قوله تعالى: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52]، أي: " صدقنا بالله، واشهد أنتَ يا عيسى بأننا مسلمون" (?).
قال محمد بن إسحاق: " {واشهد بأنا مسلمون}، لا ما يقول هؤلاء الذين يحاجونك فيه" (?).
الفوائد:
1 - عتو بني إسرائيل، واهم مع هذه الآيات العظيمة التي جاء بها عيسى-عليه السلام- لم يؤمنوا منهم احد.
2 - فضيلة الإخلاص، والصفوة المخلصين في الدعوة الى الدين.
3 - ينبغي للانسان أن يعلن اتباعه للرسول بين أئمة الكفر حتى لا يداهن في دين الله، لأن المداهنة في دين الله والتقية نفاق في الواقع.
4 - من فوائد الآية: أن النصارى مسلمون لقوله: {واشهد بأنا مسلمون}، إلا أنهم مسلمون بالمعنى العام، وذلك ان كل انسان متبع لرسول شرعه قائم فهو مسلم، وأما إذا وجد ما ينسخه فلايسمى مسلما إلا إذا اتبع الشرع الجديد.
القرآن
{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران: 53]
التفسير:
ربنا صدَّقنا بما أنزلت من الإنجيل، واتبعنا رسولك عيسى عليه السلام، فاجعلنا ممن شهدوا لك بالوحدانية ولأنبيائك بالرسالة، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون للرسل بأنهم بلَّغوا أممهم.
قوله تعالى: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ} [آل عمران: 53]، أي: ربنا صدّقنا بما أنزلت على نبيّك عيسى من كتابك" (?).
قال الماتريدي: " يعني - والله أعلم -: بما أنزلت من الكتب السماوية التي أنزلها على الرسل جميعا، فإن أرادوا بما أنزلت على عيسى - عليه السلام - فالإيمان بواحد من الكتب أو بواحد من الرسل: إيمان بالكتب كلها وبالرسل جميعا" (?).