قوله تعالى: {وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ} [آل عمران: 53]، : أي: "صرنا أتباع عيسى على دينك الذي ابتعثته به" (?).

قال مجمد بن إسحاق: " أي هكذا كان قولهم وإيمانهم" (?).

قوله تعالى: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53]، " أي: فاكتبنا مع الذين شهدوا للأنبياء بالتصديق" (?).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس: " {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}: أمة محمد صلى الله عليه وسلم" (?).

وفي رواية ابن المنذر عن ابن عباس: " مع محمد وأمته إنهم شهدوا له أنه بلغ، وشهدوا للرسل أنهم بلغوا " (?).

ونقل الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس: " {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}: مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم" (?).

قال الطبري: أي: " فأثبت أسماءنا مع أسماء الذين شهدوا بالحق، وأقرُّوا لك بالتوحيد، وصدّقوا رسلك، واتبعوا أمرك ونهيك، فاجعلنا في عدادهم ومعهم فيما تكرمهم به من كرامتك، وأحِلَّنا محلهم، ولا تجعلنا ممن كفر بك، وصدَّ عن سبيلك، وخالف أمرك ونهيك" (?).

قال الزجاج: " وحقيقة الشاهد أنه الذي يبين تصحيح دعوى المدعي، فالمعنى صدقنا بالله واعترفنا بصحة ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - وثبتنا، فاكتبنا مع من فعل فعلنا" (?).

الفوائد:

1 - فضيلة الحواريين في لجوئهم إلى الله تعالى، إذ قالوا: {ربنا آمنا بما انزلت}.

2 - التوسل الى الله تعالى بربوبيته، لأن الربوبية تدور على ثلاثة اشياء، وهي: الخلق، والملك، والتدبير، وإجابة الدعاء داخل في هذه الثلاثة.

3 - شمولية الإيمان لكل ما انزل الله، لقوله: {ربنا آمنا بما انزلت}.

4 - الإشارة الى تحريف التوراة، يتبيّن ذلك من احتراز الحواريين في قولهم: {بما أنزلت}، إذ لم يطلقوا الإيمان مثلا بالتوراة، وذلك لتحريفها بيد اليهود.

5 - ان الإيمان لابدّ له من اتباع، لقوله: {واتبعنا الرسول}، ولذلك يقرن الله تعالى بين الإيمان والعمل الصالح في آيات كثيرة في القران الكريم.

6 - فضيلة صحبة الأخيار لقوله، {فاكتبنا مع الشاهدين}، لذلك يجب على الانسان أن يختار من الجلساء أصلهم، لأن الجليس الصالح كله خير، والجليس السوء كله شر.

القرآن

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)} [آل عمران: 54]

التفسير:

ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل بعيسى عليه السلام، بأن وكَّلوا به من يقتله غِيْلة، فألقى الله شَبَه عيسى على رجل دلَّهم عليه فأمسكوا به، وقتلوه وصلبوه ظناً منهم أنه عيسى عليه السلام، والله خير الماكرين. وفي هذا إثبات صفة المكر لله -تعالى- على ما يليق بجلاله وكماله; لأنه مكر بحق، وفي مقابلة مكر الماكرين.

قوله تعالى: {وَمَكَرُوا} [آل عمران: 54]، أي: " ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل" (?).

قال ابن أبي زمنين: أي: " مكروا بقتل عيسى" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015