وفي قوله تعالى: {قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52]، أربعة أقوال:
أحدها: أنه: يعني من أنصاري مع الله. قاله السدي (?)، وابن جريج (?)، وسفيان الثوري (?).
قال الزجاج: " و (إلى) ههنا إنما قاربت (مع) معنى بأن صار اللفظ لو عبر عنه بـ " مع " أفاد مثل هذا المعنى، لا أن (إلى) في معنى " مع "" (?).
والثاني: أن المعنى: من أنصاري في السبيل إلى الله. وهذا قول الحسن (?).
والثالث: أن معناه: من يتبعني إلى الله. قاله مجاهد (?).
والرابع: أن معناه: من ينصرني إلى نصر الله. قاله الماوردي (?).
قال ابن كثير: " وقول مجاهد أقربُ، والظاهر أنه أراد من أنصاري في الدعوة إلى الله؟ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مواسم الحج، قبل أن يهاجر: "مَنْ رَجُل يُؤْوِيني عَلى أن أبلغ كلامَ رَبِّي، فإنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي" (?)، حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فآسوه ومنعوه من الأسود والأحمر. وهكذا عيسى ابن مريم، انْتدَبَ له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه" (?).
قوله تعالى: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران: 52]، "أي قال المؤمنون الأصفياء من أَتباعه نحن أنصار دين الله" (?).
قال محمد بن إسحاق: " هذا قولهم الذي أصابوا الفضل من ربهم" (?).
قال الماوردي: "وأصل الحواري: الحَوَر وهو شدة البياض، ومنه الحواري من الطعام لشدة بياضه، والحَوَر نقاء بياض العين " (?).
واخْتُلِف في تسميتهم بالحواريين على أقاويل:
أحدها: انهم سُمُّوا بذلك لبياض ثيابهم، وهذا قول ابن عباس (?)، وسعيد بن جبير (?)، ومسلم البطين (?).
والثاني: أنهم كانوا قَصَّارين يبيضون الثياب، وهذا قول ابن أبي نجيح (?)، والضحاك (?) في -أحد قوليه-.
والثالث: أنهم خاصة الأنبياء وصفوتهم، سموا بذلك لنقاء قلوبهم، وهذا قول قتادة (?) -في أحد قوليه-، والضحاك (?)، ورجّحه الزجاج (?).
والرابع: ان الحواري: الناصر. قاله سفيان بن عيينة (?).