قال الراغب: "وقال: {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}، تنبيها أن العدول عن ذلك ليس بالمستقيم" (?).
الفوائد:
1 - عموم ربوبية الله للبشر، لقوله: {ربي وربكم}، وربوبية الله ثابتة لكل السماوات والأرض ومن فيهن، قال: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [الرعد: 16].
2 - أن عيسى مربوب وليس ربّا، لقوله: {ربي وربكم}.
3 - الرد على النصارى في دعواهم أن الله ثالث ثلاثة، قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 73].
4 - وجوب العبادة لله تعالى وحده، وأن الإقرار بالربوبية مستلزم للإقرار بالعبودية، لقوله: {فاعبدوه}.
5 - أن الصراط المستقيم عبادة الله، لقوله: {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}، وعبادة الله هي اتباع شرعه المرسل سبحانه وتعالى.
القرآن
{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)} [آل عمران: 52]
التفسير:
فلما استشعر عيسى منهم التصميم على الكفر نادى في أصحابه الخُلَّص: مَن يكون معي في نصرة دين الله؟ قال أصفياء عيسى: نحن أنصار دين الله والداعون إليه، صدَّقنا بالله واتبعناك، واشهد أنت يا عيسى بأنا مستسلمون لله بالتوحيد والطاعة.
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: 52]، "أي استشعر عيسى من اليهود التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال" (?).
قال الطبري: أي: ": فلما وَجد عيسى - من بني إسرائيل الذين أرسله الله إليهم - جحودًا لنبوّته، وتكذيبًا لقوله، وصدًّا عما دعاهم إليه من أمر الله " (?).
قال ابن كثير: " أي: استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال" (?).
قال ابن جريج: " كفروا وأرادوا قتله فذلك حين استنصر قومه فذلك حين يقول: {فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ} [الصف: 14]} (?) " (?).
قال الزجاج: " معنى أحس فى اللغة علم ووجد، ويقال هل أحست في معنى هل
أحسست ويقال حسيت بالشيء إذا علمته وعرفته" (?).
و"الإحساس"، هو الوجود، ومنه قول الله عز وجل: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [سورة مريم: 98].
فأما "الحَسُّ"، بغير"ألف"، فهو الإفناء والقتل، ومنه قوله: {إذ تحسونهم بإذنه} [سورة آل عمران: 152].
و"الحَسُّ" أيضًا العطف والرقة، ومنه قول الكميت (?):
هَلْ مَنْ بَكَى الدَّارَ رَاجٍ أَنْ تَحِسَّ لَهُ، ... أَوْ يُبْكِيَ الدَّارَ مَاءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟
يعني بقوله: أن تحس له، أن ترقّ له (?).
قوله تعالى: {قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52]، "أي: قال: من أنصاري في الدعوة إِلى الله" (?).