{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)} [آل عمران: 47]

التفسير:

قالت مريم متعجبة من هذا الأمر: أنَّى يكون لي ولد وأنا لست بذات زوج ولا بَغِيٍّ؟ قال لها المَلَك: هذا الذي يحدث لكِ ليس بمستبعد على الإله القادر، الذي يوجِد ما يشاء من العدم، فإذا أراد إيجاد شيء فإنما يقول له: «كُن» فيكون.

قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عمران: 47]، " أي قالت: ياربي: كيف يأتيني الولد وأنا لست بذات زوج؟ " (?).

قال السدي: "تقول: من أين لي" (?).

قال مقاتل: "يعني الزوج" (?).

قال الطبري: " من أيِّ وجه يكون لي ولد؟ أمِن قبل زوج أتزوجه وبعل أنكحه، أمْ تبتدئ فيَّ خلقه من غير بعل ولا فحل، ومن غير أن يمسَّني بشر" (?).

قال السمرقندي: " وهو كناية عن الجماع" (?).

قال الهرري: " أي قالت: كيف يكون لي ولد وليس لي زوج؟ أي: لم يصبني رجل بالحلال ولا بالحرام؟ ؛ لأن المحررة لا تتزوج أبدًا كالذكر المحرر.

وقد يكون مرادها: أيحدث ذلك بزواج أم يحصل بقدرتك؟ وقد يكون قصدها: التعجب من قدرة الله واستعظام شأنه" (?).

قال السمعاني: " قالت ذلك تعجبا؛ إذ لم تكن جرت العادة بأن يولد ولد بلا أب" (?).

قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 47]، أي: " إن الأمر كذلك، أن الله يخلق ما يشاء" (?).

قال الصابوني: " أي هكذا أمر الله عظيم لا يعجزه شيء يخلق بسببٍ من الوالدين وبغير سبب" (?).

قال محمد بن إسحاق: " أي يضع ما أراد ويخلق ما يشاء من بشر أو غير بشر" (?).

قال السمعاني: " أي: لا يعسر عليه شيء، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد" (?).

قال الهرري: " أي: كما قلت لكِ من خلق ولد منك بلا أب {اللَّهُ} سبحانه وتعالى {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} كيف شاء بسبب، وبلا سبب، مثل هذا الخلق العجيب، والإحداث البديع - وهو خلق الولد بغير أبٍ - يخلق الله ما يشاء، فإن قلت: لِمَ عبَّر هنا بالخلق، وفي قصة يحيى بالفعل [يفعل ما يشاء}؟

قلت: لأن ولادة العذراء من غير أن يمسها بشر، أبدع وأغرب من ولادة عجوز عاقر من شيخ كبير، فكأن الخلق المنبىء عن الاختراع أنسب بهذا المقام من مطلق الفعل كما سبق" (?).

قوله تعالى: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا} [آل عمران: 48]، " أي إِذا أراد شيئاً" (?).

قال القشيري: أي: إذا" أراد إمضاء حكم" (?).