قال ابن عباس: " {ويكلم الناس في المهد}، قال: مضجع الصبي في رَضَاعه" (?).

واختلفوا في تفسير قوله تعالى: {وَكَهْلاً} [آل عمران: 46]، وفيه أقوال:

أحدهما: أن المراد بالكهل الحليم، وهذا قول مجاهد (?)، وعكرمة (?)، وقال يزيد بن أبي حبيب: "الكهل: منتهى الحلم" (?).

والثاني: أنه أراد الكهل في السنّ، وهو قول ابن عباس (?). قال الناحس: " يقال اكتهل النبت إذا تم، والكهل ابن الاربعين أو ما قاربها" (?).

والثالث: يعني: إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء. قاله مقاتل (?).

والرابع: أن (كهلا) بعد نزوله من السماء. قاله الحسن بن الفضل (?).

والخامس: المراد: أنه تعالى أخبرهما أنه يبقى حتى يكتهل. قاله ابن كيسان (?).

والسادس: وقيل: يكلم الناس في المهد: صبيا وكهلا نبيا، ولم يتكلم في المهد من الأنبياء، إلا عيسى -عليه السلام-، فكلامه في المهد معجزة وفي الكهولة دعوة (?).

والسابع: {وكهلا}: أي عظيما، والعرب تمدح بالكهولة لأنها أعظم؟ على في احتناك السن، واستحكام العقل، وجودة الرأي والتجربة. وهذا احد قولي مجاهد (?).

واختلفوا في تحديد سن الكهل على ثلاثة اقوال:

أحدها: أنه بلوغ أربع وثلاثين سنة (?).

والثاني: أن الكهل ابن أربعين إلى الخمسين سنة. حكاه الهرري عن ثابن بن أبي ثابت (?).

والثالث: أنه فوق حال الغلام ودون حال الشيخ، مأخوذ من القوة من قولهم اكتهل البيت إذ طال وقوي (?).

قال الطبري: " وأما قوله: {وكهلا}، فإنه: وُمحتَنِكًا فوق الغُلومة، ودُون الشيخوخة، يقال منه: رجل كهل وامرأة كهلة، كما قال الراجز (?):

وَلا أَعُودُ بَعْدَهَا كَرِيَّا ... أُمَارِسُ الكَهْلَةَ وَالصَّبِيَّا

وإنما عنى جل ثناؤه بقوله: {ويكلم الناسَ في المهد وكهلا}، ويكلم الناس طفلا في المهد دلالةً على براءَة أمه مما قَرَفها به المفترون عليها، وحجة له على نبوّته وبالغًا كبيرًا بعد احتناكه، بوحي الله الذي يوحيه إليه، وأمره ونهيه، وما ينزل عليه من كتابه" (?).

قال الماوردي: "فإن قيل فما المعنى في الإخبار بكلامه كهلاً وذلك لا يستنكر؟ ففيه قولان:

أحدها: أنه يكلمهم كهلاً بالوحي الذي يأتيه من الله تعالى.

والثاني: انه يتكلم صغيراً في المهد كلام الكهل في السنّ " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015