والظاهر ان المراد الأقلام حقيقة التي يكتب بها، ولا نعدل عن ظاهر القرآن إلا بدليل. والله أعلم.

قال الثعالبي: " وجمهور العلماء على أنه استهام لأخذها والمنافسة فيها، فروي أنهم ألقوا أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة في النهر، فروي أن قلم زكريا صاعد الجرية، ومضت أقلام الآخرين، وقيل غير هذا، قلت: ولفظ ابن العربي في «الأحكام» قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فجرت الأقلام وعلا قلم زكريا» (?) اهـ، وإذا ثبت الحديث، فلا نظر لأحد معه" (?).

قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: 44]، أي: وما كنت عندهم إذ "يتنازعون فيمن يكفلها منهم" (?).

الفوائد:

1 - إن الوحي من أخبار الأمم السابقة التي لم تكن تعلمها الرسول-صلى الله عليه وسلم- ولا امته، دليل على أنه-صلى الله عليه وسلم- رسول الله حقا، وأن الوحي يأتيه من الله تعالى.

2 - ومن الفوائد: جواز الاقتراع والقرعة، قال ابن عطية: " وفي هذه الآية استعمال القرعة والقرعة سنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر أقرع بين نسائه" (?).

3 - الإشارة إلى أن الذي أنبئ به كأنما يراه بعينه، وكانه حاضر وهو كذلك، لأن أخبار الله تعالى أشد ثبوتا وحقيقة مما يرى في العين.

القرآن

{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)} [آل عمران: 45]

التفسير:

وما كنت -يا نبي الله- هناك حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله يُبَشِّرْكِ بولد يكون وجوده بكلمة من الله، أي يقول له: «كن»، فيكون، اسمه المسيح عيسى ابن مريم، له الجاه العظيم في الدنيا والآخرة، ومن المقربين عند الله يوم القيامة.

{إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ

قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} [آل عمران: 45]، أي وما كنت، يا محمد، عند القوم حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله يبشرك "برسالة منه وخبر من عنده" (?).

قال ابن عباس: " {بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}، قال: عيسى، وهو الكلمة من الله " (?).

وقال أبو عبيدة: " {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}، أي: الرسالة هو ما أوحى الله به إلى الملائكة في أن يجعل لمريم ولدا" (?).

قال ابن كثير: " أي: بولد يكون وجوده بكلمة من الله، أي: بقوله له: "كن" فيكون، وهذا تفسير قوله: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 39] كما ذكره الجمهور" (?).

قال الطبري: " والتبشير: إخبار المرء بما يسره من خبر" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015