في قصة داود: {رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] أي شاكرا، وهذا تخصيص للركوع بحال مقترنة به، وقيل: نبه بقوله: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} أي كوني مع العابدين والمصلين" (?).

الفوائد:

1 - بيان أنه كلما منّ الله سبحانه وتعالى على انسان بشيء كانت مطالبته بالعبادة اكثر، لقوله: {{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}. إذ أمرتها بالقنوت والسجود والركوع.

2 - فضيلة القنوت لله، وهو دوام الطاعة والخشوع، والاشتغال بالطاعة عما سواها.

3 - فضيلة السجود والركوع، لقوله: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}.

4 - جواز ترك الترتيب لمصلحة، لقوله: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي}، إذ نصّ على السجود قبل الركوع، لأن السجود أبلغ في القنوت من الركوع.

5 - فضيلة صلاة الجماعة، لقوله: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}.

القرآن

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)} [آل عمران: 44]

التفسير:

ذلك الذي قصصناه عليك -أيها الرسول- من أخبار الغيب التي أوحاها الله إليك، إذ لم تكن معهم حين اختلفوا في كفالة مريم أيُّهم أحق بها وأولى، ووقع بينهم الخصام، فأجْرَوْا القرعة بإلقاء أقلامهم، فأصابت زكريا عليه السلام، ففاز بكفالتها.

قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 44]، " أي: ذلك من أخبار الغيب ننزلّه إليك يا محمد" (?).

قال الثعلبي: " ذلك: الذي ذكرت من حديث زكريا ومن حديث ويحيى ومريم وعيسى، من أخبار، الغيب نوحيه إليك" (?).

قال الزمخشري: " ذلك إشارة إلى ما سبق من نبإ زكريا ويحيى ومريم وعيسى عليهم السلام، يعنى أن ذلك من الغيوب التي لم تعرفها إلا بالوحي" (?).

قال الصابوني: " أي هذا الذي قصصناه عليك من قصة امرأة عمران وابنتها مريم البتول ومن قصة زكريا يحيى إِنما هو من الانبياء المغيبة والأخبار الهامة التي أوحينا بها إِليك يا محمد" (?).

قال الماوردي: " يعني ما كان من البشرى بالمسيح" (?).

قال الزجاج: " أي: الأخبار التي قصصناها عليك في زكريا ويحيى ومريم وعيسى من أنباء

الغيب، أي من أخبار ما غاب عنك، وفي هذا دليل على تثبيت نبوة النَبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه أنبأ بما لا يعلم إلا من كتاب أو وحي وقد أجمعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أمياً، فإنباؤه إياهم بالأخبار التي في كتبهم علي حقيقتها من غير قراءَة الكتب دليل على أنه نبى وأن اللَّه أوحى إليه بها" (?).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن محمد بن إسحاق قوله: {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك}، ثم قد جئتهم به ذليلا علي نبوتك والحجة لك عليهم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015