قال البيضاوي: أي: " بغير تقدير لكثرته، أو بغير استحقاق تفضلاً به. وهو يحتمل أن يكون من كلامهما وأن يكون من كلام الله تعالى" (?).
الفوائد:
1 - من فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى سميع قريب مجيب، لأنها دعت فسمعها، ولأنها دعت فأجابها، وفي القرآن الكريم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
2 - أن الله تعالى منّ على هذه الطفلة بشيئين: بالقبول الحسن والنبات الحسن، فصار في ذلك تنمية لأخلاقها ولجسمها وبدنها.
3 - أن الله تعالى هو المسبب وهو المكوّن للإنسان والمنبت له.
4 - إثبات الحضانة للطفل، لقوله: {وكفّلها زكريا}.
5 - إن الله قد ييسر للإنسان من الرزق ما لايكون في حسبانه.
6 - أن الأشياء تضاف إلى الله تعالى، وإن كان لها سبب، لقوله: {هو من عند الله}.
7 - أن الانبياء لا يعلوم الغيب، لقوه: {يا مريم أنى لك هذه}.
8 - إثبات أن الله تعالى يرزق بغير مكافأة ولا انتظار لمكافأة، لقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
القرآن
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)} [آل عمران: 38]
التفسير:
عندما رأى زكريا ما أكرم الله به مريم مِن رزقه وفضله توجه إلى ربه قائلا: يا ربِّ أعطني من عندك ولدًا صالحًا مباركًا، إنك سميع الدعاء لمن دعاك.
قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عمران: 38]، أي: " في ذلك الوقت دعا زكريا ربه متوسلاً ومتضرعاً" (?).
قال البيضاوي: أي: " في ذلك المكان، أو الوقت إذ يستعار هنا وثم وحيث للزمان، لما رأى كرامة مريم ومنزلتها من الله تعالى ... وقيل لما رأى الفواكه في غير أَوَانِهَا انتبه على جواز ولادة العاقر من الشيخ" (?).
قال ابن كثير: " لما رأى زكريا، عليه السلام، أن الله تعالى يرزق مريم، عليها السلام، فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، طمع حينئذ في الولد، وإن كان شيخا كبيرا قد ضعف ووَهَن منه العظم، واشتعل رأسه شيبا، وإن كانت امرأته مع ذلك كبيرة وعاقرًا، لكنه مع هذا كله سأل ربه وناداه نداء خَفيا" (?).
قال الزمخشري: أي: " في ذلك المكان حيث هو قاعد عند مريم في المحراب أو في ذلك الوقت، فقد يستعار هنا وثم وحيث للزمان. لما رأى حال مريم في كرامتها على الله ومنزلتها، رغب في أن يكون له من ايشاع ولد مثل ولد أختها حنة في النجابة والكرامة على الله، وإن كانت عاقرا عجوزا فقد كانت أختها كذلك. وقيل لما رأى الفاكهة في غير وقتها انتبه على جواز ولادة العاقر ذرية ولدا. والذرية يقع على الواحد والجمع" (?).