قال الطبري: أي: " فإنه إن اتبعتموني وصدّقتموني على ما أتيتكم به من عند الله يغفرُ لكم ذنوبكم، فيصفح لكم عن العقوبة عليها، ويعفو لكم عما مضى منها" (?).

قال ابن كثير: " أي: باتباعكم للرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا كله ببركة سفارته" (?).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 32]، أي: والله غفور لذنوب عباده المؤمنين، رحيمٌ بهم" (?).

قال محمد ابن إسحاق: " والله {غفور}: يغفر الذنب، {رحيم}: يرحم العباد على ما فيهم" (?).

قال ابن كثير: " هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ" (?) " (?).

الفوائد:

1 - إن الله تعالى أمر نبيه محمدا-صلى الله عليه وسلم- أن يتحدى هؤلاء المدعين لمحبته بهذا الميزان القسط، وهو اتباعهم للرسول-عليه الصلاة والسلام-.

2 - إن محبة الله تعالى غاية لكل الناس حتى من غير المسلمين، لقوله: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني}.

3 - قد جعل الله اتباع رسوله سببا لمحبة الله للعبد، وكلما قوي اتباع الإنسان للرسول-عليه الصلاة والسلام- كان أقوى برهانا على صدق محبته لله.

4 - ومن الفوائد: إثبات المحبة بين العبد والرب من الجانبين، لقوله: {تحبون الله}، وقوله: {يحببكم الله}، وهذه المحبة هي حقيقية خلافا لمن أوّلها، فقال: تحبون الله: أي: تحبون ثوابه، يحببكم الله: أي: يثيبكم الله، فهذا وأيم الله تحريف، وأن محبة الله غير محبة الثواب.

5 - إن اتباع الرسول-عليه الصلاة والسلام- برهان لصدق دعوى محبة الله، وسبب لمغفرة الله للذنب.

6 - ومنها: كمال إحسان الله تعالى، لجزائه على العمل أكثر منه، لأن المتبع للرسول يحصل محبة الله ومغفرة الذنوب.

7 - اثبات هذين الاسمين وما تضمناه من صفة في قوله: {والله غفور رحيم}.

القرآن

{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)} [آل عمران: 32]

التفسير:

قل -أيها الرسول-: أطيعوا الله باتباع كتابه، وأطيعوا الرسول باتباع سنته في حياته وبعد مماته، فإن هم أعرضوا عنك، وأصروا على ما هم عليه مِن كفر وضلال، فليسوا أهلا لمحبة الله; فإن الله لا يحب الكافرين.

في سبب نزول الآية قولان:

أحدهما: قال الثعلبي: " فلما نزلت هذه الآية (?) قال عبد الله بن أبي لأصحابه: إنّ محمّدا يجعل طاعته كطاعة الله ويأمرنا أن نحبّه كما أحبت النصارى عيسى ابن مريم، فنزل: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} " (?).

الثاني: وقال مقاتل بن سليمان: يعني: "قل لليهود" (?). ورجحه ابن حجر (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015