قال الطبري: " يعني بذلك القرآن، أنه مصدّق لما كان قبله من كتب الله التي أنزلها على أنبيائه ورسله، ومحقق ما جاءت به رُسل الله من عنده، لأن منزل جميع ذلك واحد، فلا يكون فيه اختلاف، ولو كان من عند غيره كان فيه اختلاف كثير" (?).

قال السعدي: أي: " من الكتب السابقة، فهو المزكي لها، فما شهد له فهو المقبول، وما رده فهو المردود، وهو المطابق لها في جميع المطالب التي اتفق عليها المرسلون، وهي شاهدة له بالصدق، فأهل الكتاب لا يمكنهم التصديق بكتبهم إن لم يؤمنوا به، فإن كفرهم به ينقض إيمانهم بكتبهم" (?).

وفي قوله تعالى: {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران: 3]، وجوه:

أحدها: أن المعنى: مصدّقًا لما قبله من كتاب ورسول. وهذا قول مجاهد (?)، وقتادة (?)، والربيع (?)، وجعفر بن الزبير (?)، وري عن الحسن مثل ذلك (?)، واختاره الطبري (?).

والثاني: معناه مخبراً بما بين يديه إخبار صدق دل على إعجازه. قاله الماوردي (?).

والثالث: معناه أنه يخبر بصدق الأنبياء فيما أتوا به على خلاف من يؤمن ببعض ويكفر ببعض قاله الماوردي (?).

والراجح هو القول الأول، لما يسنده من الروايات. والله أعلم.

قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: 3]، أي: "وأنزل التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى" (?).

قال قتادة: " هما كتابان أنزلهما الله: التوراة والإنجيل" (?).

قال محمد بن إسحاق: "وأنزل التوراة التي جاء بها موسى، والإنجيل الذي جاء به عيسى عليهما الصلاة والسلام" (?).

قال الصابوني: "أي: وأنزل الكتابين العظيمين «التوراة» و «الإِنجيل» " (?).

قال القاسمي: " والتوراة اسم عبرانيّ معناه (الشريعة). والإنجيل لفظة يونانية معناها (البشرى) أي الخبر الحسن. هذا هو الصواب كما نص عليه علماء الكتابين في مصنفاتهم. وقد حاول بعض الأدباء تطبيقهما على أوزان لغة العرب واشتقاقهما منها. وهو خبط. بغير ضبط" (?).

أخرج ابن أبي حاتم " عن واثلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشر خلت من رمضان" (?).

وقرأ الحسن: {الإنجيل}، بفتح "الهمزة" (?)، قال الزمخشري: " وهو دليل على العجمة، لأن "أفعي"ل - بفتح الهمزة - عديم في أوزان العرب" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015