قال القاسمي: " وتقديم ذكر السمع والطاعة على طلب الغفران لما أن تقديم الوسيلة على المسؤول أدعى إلى الإجابة والقبول" (?).
وانتصب قوله تعالى {غُفْرَانَكَ} [البقرة: 286]، لكونه مصدر وقع في موضع أمر، ومثله: الصلاة الصلاة (?)، "وكذلك تفعل العرب بالمصادر والأسماء إذا حلت محل الأمر، وأدت عن معنى الأمر نصبتها" (?)، كما قال الشاعر (?):
إن قوما منهم عمير وأشبا ... هـ عمير ومنهم السفاح
لجديرون بالوفاء إذا قا ... ل أخو النجدة: السلاح السلاح! !
قال الفراء: "ومثله أن تقول: يا هؤلاء الليل فبادروا، أنت تريد: هذا الليل فبادروا. ومن نصب الليل أعمل فيه فعلا مضمرا قبله. ولو قيل: غفرانك ربنا لجاز" (?).
قال الزجاج: " أي أغفر غُفْرانَك، و (فُعْلان)، من أسْمَاءِ الْمَصَادِر نحو السُّلوان والكُفْران" (?).
قوله تعالى: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]، أي: " وإليك يا ربنا مرجعنا ومعادنا" (?).
قال القاسمي: " أي الرجوع بالموت والبعث لا إلى غيرك، وهو تذييل لما قبله مقرر للحاجة إلى المغفرة، لما أن الرجوع للحساب والجزاء" (?).
قال ابن كثير: " أي: إليك المرجع والمآب يوم يقوم الحساب" (?).
قال الزجاج: " أي نحن مقرون بالبعْثِ" (?).
قال الواحدي: " هذا إقرار منهم بالبعث" (?).
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: أن محمداً (ص) مكلف بالإيمان بما أنزل إليه؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أشهد أني رسول الله» (?)، في قصة دين جابر رضي الله عنه - كما في صحيح البخاري.
2 - ومنها: أن القرآن كلام الله؛ لقوله تعالى: {بما أنزل إليه من ربه}؛ والمنزل هو الوحي؛ والكلام وصف لا يقوم إلا بمتكلم؛ لا يمكن أن يقوم بنفسه؛ وعلى هذا يكون في الآية دليل على أن القرآن كلام الله - الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
3 - ومنها: إثبات علوّ الله عز وجل؛ لأن النزول لا يكون إلا من أعلى؛ لقوله تعالى: {بما أنزل إليه}.
4 - ومنها: إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {الرسول}، وقوله تعالى: {بما أنزل إليه من ربه}.