5 - ومنها: عظم ربوبية الله، وأخصيتها بالنسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: {بما أنزل إليه من ربه}.
ويتفرع على ذلك أن الله سبحانه وتعالى سينصره؛ لأن الربوبية الخاصة تقتضي ذلك - لا سيما وأنه سوف يبلِّغ ما أنزل إليه من ربه.
6 - ومن فوائد الآية: أن المؤمنين تبع للرسول (ص)؛ لقوله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون}؛ وجه التبعية أنه ذكر ما آمن به قبل أن يذكر التابع - يعني ما قال: «آمن الرسول والمؤمنون بما أنزل إليه»، وهذا يدل على أنهم أتباع للرسول (ص) لا يستقلون بشريعة دونه.
7 - ومنها: أنه كلما كان الإنسان أقوى إيماناً بالرسول صلى الله عليه وسلم كان أشد اتباعاً له؛ وجهه أنه تعالى قال: {بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون} يعني: والمؤمنون آمنوا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من ربه؛ وعليه فكل من كان أقوى إيماناً كان أشد اتباعاً.
8 - ومنها: أن إيمان الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين شامل لكل أصول الدين؛ لقوله تعالى: {كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله}؛ ويبقى عندنا إشكال؛ وهو أنه ليس في الآية ذكر الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر؟ والجواب من أحد وجهين:
أحدهما: أن يقال: إن هذا داخل في عموم قوله تعالى: {بما أنزل إليه من ربه}.
والوجه الثاني: أن يقال: إن الإيمان بالكتب، والرسل متضمن للإيمان باليوم الآخر، والقدر.
9 - ومن فوائد الآية: إثبات الملائكة.
10 - ومنها: أن الإيمان بالرسل ليس فيه تفريق؛ لا تقول مثلاً: نؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولا نؤمن بعيسى لأن عيسى من بني إسرائيل؛ نحن لا نفرق بين الرسل؛ وقد سبق لنا معنى قوله تعالى: {لا نفرق}.
11 - ومن فوائد الآية: أن من صفات المؤمنين السمع، والطاعة؛ لقوله تعالى: {وقالوا سمعنا وأطعنا}؛ وهذا كقوله تعالى: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} [النور: 51، 52]، وكقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36]؛ والناس في هذا الباب على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من لا يسمع، ولا يطيع؛ بل هو معرض؛ لم يرفع لأمر الله، ورسوله رأساً.
القسم الثاني: من يسمع، ولا يطيع؛ بل هو مستكبر؛ اتخذ آيات الله هزواً، كقوله تعالى: {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم} [لقمان: 7]، وكقوله تعالى: {وقالوا سمعنا وعصينا} [البقرة: 93]؛ وهذا أعظم جرماً من الأول.
القسم الثالث: من يسمع، ويطيع؛ وهؤلاء هم المؤمنون الذين قالوا سمعنا وأطعنا، وقال الله سبحانه وتعالى فيهم: {ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} [الأحزاب: 71].
12 - ومن فوائد الآية: أن كل أحد محتاج إلى مغفرة الله؛ لقوله تعالى: {غفرانك}؛ فكل إنسان محتاج إلى مغفرة - حتى النبي صلى الله عليه وسلم محتاج إلى مغفرة؛ ولهذا لما قال صلى الله عليه وسلم: «لن يُدخل الجنة أحداً عملُه قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة» (?)؛ وقال الله سبحانه وتعالى: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [الفتح: 1، 2]، وقال تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} [محمد: 19]؛ واعلم أن الإنسان قد يكون بعد