والثاني: {لا يفرّق} بالياء، على معنى لا نفرّق الكلّ، فيجوز أن يكون خبرا عن الرسول. قرأ بذلك جرير بن عبد الله وسعيد بن جبير وأبو زرعة بن عمرو بن جرير ويحيى بن يعمر والجحدري وابن أبي إسحاق ويعقوب.

والثالث: : {لَا نُفَرِّقُ}، بالنون على إضمار القول تقديره: "وقالوا لا نفرّق كقوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 23]، وقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} [البقرة: آل عمران: 106]، يعني فيقال لهم: أكفرتم. وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا} [السجدة: 12]، أي يقولون: ربّنا. {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ} [الزمر: 3]، أي: يقولون: ما نعبدهم" (?).

قلت: والقراءة بالنون {لَا نُفَرِّقُ}، هي التي قامت حجتها بالنقل المستفيض. والله أعلم.

قوله تعالى: {وَقَالُوا سَمِعْنَا} [البقرة: 285]، أي سمعنا "قولك وفهمناه" (?).

قال مقاتل: " سمعنا للقرآن الذي جاء من الله" (?).

قال الواحدي: أي: "سمعنا قوله" (?).

قال الزجاج: " أي " سَمعْنَا " سَمْع قابِلينَ" (?).

قوله تعالى: {وَأَطَعْنَا} [البقرة: 285]، "أي امتثلنا أمرك وقمنا به واستقمنا عليه" (?).

قال مقاتل: " أقروا بأن يطيعوه في أمره ونهيه" (?).

قال الواحدي: أي: "وأطعنا أمره" (?).

قال الزجاج: أي " قِبِلْنَا ما سَمِعْنَا، لأن مَن سمع فلم يعْمل قيل له أصم - كما قال جلَّ وعزَّ:

(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)، ليس لأنهم لَا يسْمعون ولكنهم صاروا - في ترك القبول بمنزلة من لا يسمع

قال الشاعر (?):

أصَمُّ عمَّا سَاءَهُ سَمِيع" (?).

قوله تعالى: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} [البقرة: 285]، " أي: اغفر غفرانك" (?).

روي "عن مقاتل بن حيان، في قول الله: {غفرانك ربنا وإليك المصير}، تعليم من الله، فهذا دعاء دعا به النبي صلى الله عليه وسلم فاستجاب له" (?).

وروي: " عن ابن عباس، في قول الله تعالى {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه إلى قوله: {غفرانك ربنا}، قال: قد غفرت لكم" (?).