قال الواحدي: " أي تغيب عن حفظها، أو يغيب حفظها عنها، يعني إحدى المرأتين، فتقول لها: هل تذكرين يوم شهدنا في موضع كذا، وبحضرتنا فلان أو فلانة؟ حتى تذكر الشهادة، والتقدير: فتذكر إحداهما الأخرى الشهادة التي احتملتاها" (?).

قال ابن عطية: " ولما كانت النفوس مستشرفة إلى معرفة أسباب الحوادث، قدم في هذه العبارة ذكر سبب الأمر المقصود أن يخبر به، وفي ذلك سبق النفوس إلى الإعلام بمرادها، وهذا من أنواع أبرع الفصاحة، إذ لو قال رجل لك: أعددت هذه الخشبة أن أدعم بها الحائط، لقال السامع: ولم تدعم حائطا قائما؟ فيجب ذكر السبب فيقال: إذا مال. فجاء في كلامهم تقديم السبب أخصر من هذه المحاورة" (?).

وذكروا في قوله تعالى: {تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} [البقرة: 282]، وجهين (?):

أحدهما: لئلا تضل، قاله أهل الكوفة.

والثاني: كراهة أن تضل، قاله أهل البصرة.

وفي المراد به وجهان (?):

أحدهما: أن تخطاء.

والثاني: أن تَنْسَى، قاله الحسن (?)، وسعيد بن جبير (?)، ومقاتل (?)، وأبو عبيد (?)، روي عن الربيع بن أنس والسدي والضحاك نحو ذلك (?).

قال ابن عطية: " والضلال عن الشهادة إنما هو نسيان جزء منها وذكر جزء. ويبقى المرء بين ذلك حيران ضالا، ومن نسي الشهادة جملة فليس يقال: ضل فيها" (?).

وقوله تعالى: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282]، فيه تأويلان (?):

أحدهما: أنها تجعلها كَذَكَرٍ من الرجال، قاله سفيان بن عيينة (?).

والثاني: أنها تذكرها إن نسيت، قاله قتادة، والسدي (?)، والضحاك (?)، والربيع (?)، وابن زيد (?).

قال ابن كثير: "ومن قال إن شهادتها معها تجعلها كشهادة ذكر فقد أبعد، والصحيح الأول" (?).

وقال الزمخشري: " ومن بدع التفاسير: فتذكر، فتجعل إحداهما الأخرى ذكرا، يعنى أنهما إذا اجتمعتا كانتا بمنزلة الذكر إِذا ما دُعُوا ليقيموا الشهادة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015