قال أبو عليّ: "القراءة الأولى أولى، لأنّ الكلمة بفتح العين منها أكثر من الضمّ، ومفعلة بناء مبني على التأنيث، ألا ترى أن مفعلا بغير هاء بناء لم يجيء في الآحاد؟ " (?).
واختلف أهل العلم: هل هذا الحكم بالنظرة إلى الميسرة: واقف على أهل الربا أو هو منسحب على كل ذي دين حال؟ وفيه قولان (?):
أحدهما: أن الإِنظار بالعسرة واجب في دَيْن الربا خاصّة، وأما الديون وسائر الأمانات فليس فيها نظرة، بل تؤدى إلى أهلها.
قاله: ابن عباس (?)، وشريح (?)، وإبراهيم (?) وابن عبيد بن عمير (?).
والثاني: أنه عام يجب إنظاره بالعسرة في كل دَيْن، لظاهر الآية، وهو قول ابن عباس (?)، وعطاء (?)، والضحاك (?).
قال الماوردي: وقيل إن الإِنظار بالعسرة في دَيْن الربا بالنص، وفي غيره من الديون بالقياس " (?).
قال ابن عطية: " وكأن القول [الأول] يترتب إذا لم يكن فقر مدقع وأما مع الفقر والعدم الصريح، فالحكم هي النظرة ضرورة، وقال جمهور العلماء النظرة إلى الميسرة حكم ثابت في المعسر سواء كان الدين ربا أو من تجارة في ذمة أو من أمانة" (?).
قال ابن عاشور: " ومورد الآية على ديون معاملات الربا، لكن الجمهور عمموها في جميع المعاملات ولم يعتبروا خصوص السبب لأنه لما أبطل حكم الربا صار رأس المال دينا بحتا، فما عين له من طلب الإنظار في الآية حكم ثابت للدين كله" (?).
وقال الطبري: " والصواب من القول في قوله: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}، أنه معنيٌّ به غرماء الذين كانوا أسلموا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهم عليهم ديون قد أربَوْا فيها في الجاهلية، فأدركهم الإسلام قبل أن يقبضوها منهم، فأمر الله بوضع ما بقي من الربا بعد ما أسلموا، وبقبض رؤوس أموالهم، ممن كان منهم من غرمائهم موسرا، أو إنظار من كان منهم معسرا برؤوس أموالهم إلى ميسرتهم. فذلك حكم كل من أسلم وله ربا قد أربى على غريم له، فإن الإسلام يبطل عن غريمه ما كان له عليه من قِبْل الربا، ويلزمه أداء رأس ماله - الذي كان أخذ منه، أو لزمه من قبل الإرباء - إليه، إن كان موسرا، وإن كان معسرا، كان منظرا برأس مال صاحبه إلى ميسرته، وكان الفضل على رأس المال مبطلا عنه.
غير أن الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا، وإياهم عنى بها، فإن الحكم الذي حكم الله به: من إنظاره المعسر برأس مال المربي بعد بطول الربا عنه، حكم واجب لكل من كان عليه دين لرجل قد حل عليه، وهو بقضائه