قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]، أي: مصدقين" بما شرع الله لكم من تحليل البيع، وتحريم الربا وغير ذلك" (?).

روي "عن سعيد، في قوله: إن كنتم مؤمنين يعني: مصدقين" (?).

قال الطبري: " إن كنتم محققين إيمانكم قولا وتصديقكم بألسنتكم، بأفعالكم" (?).

قال ابن عثيمين: " هذا من باب الإغراء، والحث على الامتثال؛ يعني: إن كنتم مؤمنين حقاً فدعوا ما بقي من الربا؛ وهذه الجملة يقصد بها الإغراء، والإثارة - أعني إثارة الهمة، فإن قلت: كيف يوجِّه الخطاب للمؤمنين، ويقول: {إن كنتم مؤمنين}؛ أفلا يكون في هذا تناقض؟ فالجواب: ليس هنا تناقض؛ لأن معنى الثانية التحدي؛ أي إن كنتم صادقين في إيمانكم فاتقوا الله، وذروا ما بقي من الربا" (?).

وحكى النقاش عن مقاتل بن سليمان أنه قال: "إِنْ في هذه الآية بمعنى إذ" (?). قال ابن عطية: وهذا مردود لا يعرف في اللغة" (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: بلوغ القرآن أكمل البلاغة؛ لأن الكلام في القرآن يأتي دائماً مطابقاً لمقتضى الحال؛ فإذا كان الشيء مهماً أحاطه بالكلمات التي تجعل النفوس قابلة له؛ وهذا أكمل ما يكون من البلاغة.

2 - ومنها: أنه إذا كان الشيء هاماً فإنه ينبغي أن يصَدَّر بما يفيد التنبيه من نداء، أو غيره.

3 - ومنها: وجوب تقوى الله، لقوله تعالى: {اتقوا الله}؛ و «التقوى» وصية الله لعباده الأولين، والآخرين؛ قال الله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء: 131].

4 - ومنها: وجوب ترك الربا - وإن كان قد تم العقد عليه؛ لقوله تعالى: {وذروا ما بقي من الربا}؛ وهذا في عقد استوفي بعضه، وبقي بعضه.

5 - ومنها: أنه لا يجوز تنفيذ العقود المحرمة في الإسلام - وإن عقدت في حال الشرك؛ لعموم قوله تعالى: {وذروا ما بقي من الربا}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في عرفة عام حجة الوداع: «وربا الجاهلية موضوع؛ وأول ربا أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله» (?)؛ ولكن يجب أن نعلم أن العقود التي مضت في الكفر على وجه باطل، وزال سبب البطلان قبل الإسلام فإنها تبقى على ما كانت عليه؛ مثال ذلك: لو تبايع رجلان حال كفرهما بيعاً محرماً في الإسلام، ثم أسلما فالعقد يبقى بحاله؛ ومثال آخر: لو تزوج الكافر امرأة في عدتها، ثم أسلما بعد انقضاء عدتها فالنكاح باق؛ ولهذا أمثلة كثيرة.

6 - ومن فوائد الآية: تحريم أخذ ما يسمى بالفوائد من البنوك؛ لقوله تعالى: {وذروا ما بقي من الربا}؛ وزعم بعض الناس أن الفوائد من البنوك تؤخذ لئلا يستعين بها على الربا؛ وإذا كان البنك بنك كفار فلئلا يستعين بها على الكفر؛ فنقول: أأنتم أعلم أم الله! ! ! وقد قال الله تعالى: {ذروا ما بقي من الربا}؛ والاستحسان في مقابلة النص باطل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015