يخبر عنه، فلما كان للاسم مزية على النوعين الآخرين وجب أن يشتق مما ينبئ عن هذِه المزية، فاشتق من السمو ليدل على علوه وارتفاعه (?).
قال الواحدي: "وعند المتكلمين أنه اشتق من (السمو)؛ لأنه سما عن حد العدم إلى الوجود (?)، وقالوا: أصله (سِمْو)، [أو ((سُمو) بالضم] وجمعه (أسماء) مثل قنو وأقناء، وحنو وأحناء فحذفت الواو استثقالًا، ولم تحذف من نظائره؛ لأنها لم تكثر كثرته، ثم سكنوا السين استخفافًا لكثرة ما تجري على لسانهم، واجتلبت ألف الوصل ليمكن الابتداء به، وكان هذا أخف عليهم من ترك الحرف متحركا، لأن الألف تسقط في الإدراج، وكان إثبات الحرف الذي يسقط كثيرا أخف من حركة السين التي تلزم أبدا" (?).
قال الماوردي: " وحُذِفت ألف الوصل، بالإلصاق في اللفظ والخط، لكثرة الاستعمال كما حُذفت من الرحمن، ولم تحذف من الخط في قوله: {إِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذَّي خَلَقَ} [العلق: آية 1] لقلَّة استعماله " (?).
وتكلف من رَاعَى معاني الحروف ببسم الله تأويلاً، أجرى عليه أحكام الحروف المعنوية، حتى صار مقصوداً عند ذكر الله في كل تسمية، ولهم فيه ثلاثة أقاويل (?):
أحدها: أن الباء بهاؤه وبركته، وبره وبصيرته، والسين سناؤه وسموُّه وسيادته، والميم مجده ومملكته ومَنُّه، وهذا قول الكلبي (?)، والضحاك (?).
قال ابن كثير: " هذا غريب جدا" (?).
والثاني: أن الباء بريء من الأولاد، والسين سميع الأصوات والميم مجيب الدعوات، وهذا قول سليمان بن يسار.
والثالث: أن الباء بارئ الخلق، والسين ساتر العيوب، والميم المنان، وهذا قول أبي روق.
قال الماوردي: " ولو أن هذا الاستنباط يحكي عمَّن يُقْتدى به في علم التفسير لرغب عن ذكره، لخروجه عما اختص الله تعالى به من أسمائه، لكن قاله متبوع فذكرتُهُ مَعَ بُعْدِهِ حاكياً، لا محققاً ليكون الكتاب جامعاً لما قيل" (?).
ويقال لمن قال: بسم الله: بَسْمَلَ، على لُغَةٍ مُوَلَّدَةٍ (?)، وقد جاءت في الشعر، قال عمر بن أبي ربيعة (?):
لَقَدْ بَسْمَلَتْ لَيْلَى غَدَاةَ لَقِيتُهَا ... فَيَا حَبَّذا ذَاكَ الْحَبِيبُ المُبَسْمِلُ