قوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]، أي "ولا تتركوا الإفضال بينكم بالتسامح، والعفو" (?).

قال الطبري: أي: " ولا تغفلوا، أيها الناس، الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه" (?).

قال النسفي: " أي ولا تنسوا أن يتفضل بعضكم على بعض" (?).

قال البغوي: "أي إفضال بعضكم على بعض بإعطاء الرجل تمام الصداق أو ترك المرأة نصيبها، حثهما جميعا على الإحسان" (?).

قال الصابوني: " أي لا تنسوا أيها المؤمنون الجميل والإِحسان بينكم، فقد ختم تعالى الآيات بالتذكير بعدم نسيان المودّة والإِحسان والجميل بين الزوجين، فإِذا كان الطلاق قد تمَّ لأسباب ضرورية قاهرة فلا ينبغي أن يكون هذا قاطعاً لروابط المصاهرة ووشائج القربى" (?).

قال الثعلبي: " ومعنى (الفضل): إتمام الرجل الصداق أو ترك المرأة النصف، حثّ الله تعالى الزوج والمرأة على الفضل والإحسان وأمرهما جميعا أن يسبقا إلى العفو" (?).

قال السعدي: "ثم رغب في العفو، وأن من عفا، كان أقرب لتقواه، لكونه إحسانا موجبا لشرح الصدر، ولكون الإنسان لا ينبغي أن يهمل نفسه من الإحسان والمعروف، وينسى الفضل الذي هو أعلى درجات المعاملة، لأن معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب، وهو: أخذ الواجب، وإعطاء الواجب. وإما فضل وإحسان، وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق، والغض مما في النفس، فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة، ولو في بعض الأوقات، وخصوصا لمن بينك وبينه معاملة، أو مخالطة، فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم" (?).

قال المراغي: " أي ينبغى لمن تزوج من أسرة ثم طلق، ألا ينسى مودة أهل ذلك البيت وصلتهم، ولكن المسلمين نسوا دينهم أو تناسوه، وجروا على عكس هذا، فصارت روابط الصهر وسائر أنواع القرابة واهنة ضعيفة، وإنك لو رأيت ما يجرى بين الأزواج من المخاصمات والمنازعات وما يكيد به بعضهم لبعض، لوجدت أنهم تجافوا أوامر شريعتهم وجعلوا إلههم هواهم، فالرجال يتركون نساءهم بلا نفقة حتى يضطررن أحيانا إلى بيع أعراضهن، أو يذرونهن كالمعلقات، فلا هم يمسكونهن بمعروف ولا يسرحونهن بإحسان حتى يفتدين منهم بالمال، والمطلقات المعتدات بالأقراء يزعمن أن الحيض قد حبس عنهن، فتمضى السنة أو أكثر منها ولا تنقضى عدتهن بزعمهن، وما الغرض من هذا إلا إلزام المطلق النفقة طول هذه المدة انتقاما منه، ولكن العمل الآن في المحاكم المصرية على أن نفقة العدة لا تزيد على سنة قمرية (354 يوما)، وإذا حدث طلاق - كان بين أسرتي الزوجين حرب عوان ونصبت كل منهما للأخرى الحبائل والأشراك، لتوقعها في مهاوى الهلاك، فأين هؤلاء من كتاب الله وشرعه، إنهم ليسوا منه في شاء، فقد عميت أبصارهم وران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015