قال النسفي: " أي عفو الزوج بإعطاء كل المهر خير له، وعفو المرأة بإسقاط كله خير لها أو للأزواج" (?).

قال المراغي: " أي إن من عفا من الرجال والنساء فهو المتّقى، فأحيانا تكون المصلحة في عفو الرجل عن النصف الآخر، وأحيانا في عفو المرأة عن النصف الواجب لها، لأن الطلاق قد يكون من قبله بلا سبب داع منها، وقد يكون بالعكس، والمراد بالتقوى هنا تقوى الله المطلوبة في كل أمر، إذ العفو أكثر ثوابا وأجرا، أو المراد تقوى الريبة بما يترتب على الطلاق من التباغض، إذ السماح بالمال يذهب هذا الأثر ويعيد الصفاء إلى القلوب" (?).

واختلف أهل التفسير فيمن خوطب بقوله تعالى: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237]، وذكروا فيه قولين (?):

أحدهما: أنه خطاب للزوج وحده، وهو قول الشعبي (?).

وتفسير الآية على هذا القول: "وأن تعفوا أيها المفارقون أزواجهم، فتتركوا لهن ما وجب لكم الرجوع به عليهن من الصداق الذي سقتموه إليهن، أو تتموا لهن، بإعطائكم إياهن الصداق الذي كنتم سميتم لهن في عقدة النكاح إن لم تكونوا سقتموه إليهن أقرب لكم إلى تقوى الله" (?).

والثاني: أنه خطاب للزوج والزوجة، وهو قول ابن عباس (?)، وسعيد بن عبدالعزيز (?).

ومعنى الآية على هذا القول: " وأن يعفوا، أيها الناس، بعضكم عما وجب له قبل صاحبه من الصداق قبل الافتراق عند الطلاق، أقرب له إلى تقوى الله" (?).

والراجح هو قول القول الأول، أي أن معنى ذلك: "وأن يعفو بعضكم لبعض أيها الأزواج والزوجات، بعد فراق بعضكم بعضا عما وجب لبعضكم قبل بعض، فيتركه له إن كان قد بقي له قبله. وإن لم يكن بقي له، فبأن يوفيه بتمامه أقرب لكم إلى تقوى الله" (?).

وفي قوله تعالى {تَعْفُوا} [البقرة: 237]، وجهان من القراءة (?):

الأول: {تَعْفُوا} بالتاء باثنتين من فوق. قراءة الجمهور.

الثاني: {وأن يعفوا} بالياء، قرأ بها أبو نهيك والشعبي، وذلك راجع إلى الذي بيده عقدة النكاح.

قال القرطبي: "ولم يقرأ (وأن تعفون) بالتاء فيكون للنساء" (?).

وفي قوله: {أَقْرَبُ لِلتَّقوَى} [البقرة: 237]، تأويلان (?):

أحدهما: أقرب لاتقاء كل واحد منهما ظُلْمَ صاحبه.

والثاني: أقرب إلى اتقاء معاصي الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015