فعف عن أسرارها بعد العسق ... ولم يضعها بين فرك وعشق

يعني بذلك: عف عن غشيانها بعد طول ملازمته ذلك، ومنه قول الحطيئة (?):

ويحرم سر جارتهم عليهم ... ويأكل جارهم أنف القصاع

وكذلك يقال لكل ما أخفاه المرء في نفسه: (سرا)، ويقال: هو في سر قومه، يعني: في خيارهم وشرفهم.

ثم قال: فلما كان " السر " إنما يوجه في كلامها إلى أحد هذه الأوجه الثلاثة، وكان معلوما أن أحدهن غير معني به قوله: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، وهو السر الذي هو معنى الخيار والشرف فلم يبق إلا الوجهان الآخران، وهو " السر " الذي بمعنى ما أخفته نفس المواعد بين المتواعدين، و (السر) الذي بمعنى الغشيان والجماع، فلما لم يبق غيرهما، وكانت الدلالة واضحة على أن أحدهما غير معني به، صح أن الآخر هو المعني به" (?).

الثاني: ألا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عِددهن ألا ينكحن غيركم، وهذا قول ابن عباس (?)، وسعيد بن جبير (?)، والشعبي (?)، ومجاهد (?)، وعكرمة (?)، والسدي (?) وقتادة (?) وسفيان (?).

الثالث: ألا تنكحوهن في عِددهن سراً، وهو قول عبد الرحمن بن زيد (?).

الرابع: أن يقول لها: لا تفوتني نفسك، وهو قول مجاهد (?).

الخامس: الجماع، وهو قول الشافعي (?).

وقد يحتمل أن تكون الآية عامة في جميع ذلك. والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً} [البقرة: 235]، " أي إلا وعدا معروفا، وهو التعريض الذي سبق" (?).

قال الشافعي: أي: " قولاً حسناً لا فحش فيه" (?).

قال المراغي: "أي لا تواعدوهن بالمستهجن، ولكن واعدوهن بقول معروف لا يستحيا منه في الجهر، كذكر حسن العشرة وسعة الصدر للزوجات إلى نحو ذلك" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015