قال ابن حجر: " وهو شذود مردود (?)؛ لأنه إحداث خلاف بعد استقرار الإجماع (?)، والسبب الحامل له الحرص على العمل بالآيتين اللتين تعارض عمومهما فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} عام في كل من مات عنها زوجها يشمل الحامل وغيرها، وقوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] عام أيضاً يشمل المطلقة والمتوفى عنها، فجمع أولئك بين العمومين بقصر الثانية على المطلقة بقرينة ذكر عِدَد المطلقات، كالآيسة والصغيرة قبلهما، ثم لم يهملوا ما تناولته الآية الثانية من العموم لكن قصروه على من مضت عليها العدة ولم تضع، فكان تخصيص بعض العموم أولى وأقرب إلى العمل بمقتضى الآيتين من إلغاء أحدهما في حق بعض من شمله العموم (?).
ويترجح قول الجمهور أيضاً بأن الآيتين، وإن كانتا عامتين من وجه خاصتين من وجه فكان الاحتياط أن لا تنقضي العدة إلا بآخر الأجلين، لكن لما كان المعنى المقصود الأصلي من العدة براءة الرحم-ولا سيما فيمن تحيض-يحصل المطلوب بالوضع، ووافق ما دل عليه حديث (?) (?) ويقويه قول ابن مسعود في تأخر نزول آية الطلاق عن آية البقرة (?) " (?).
قال ابن عبدالبر رحمه الله: " وأما مذهب علي وابن عباس – في هذه المسألة – فمعناه الأخذ باليقين.
وجملة {يَتَرَبَّصْن} خبر {َالَّذِينَ}؛ وفيها أشكال، حيث لم يوجد رابط يربطها بالمبتدأ؛ لأن قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} ليس فيها ضمير يعود على {َالَّذِينَ}؛ فاختلف الناس في كيفية الربط بين المبتدأ، والخبر على قولين (?):
أحدهما: أن التقدير: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بعدهم؛ وعلى هذا يكون الضمير: في (بعدهم) هو الرابط الذي يربط بين المبتدأ، والخبر.
والثاني: أن التقدير: وأزواج الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن؛ فقدر المبتدأ.
قال ابن عثيمين: "هذان وجهان؛ ولكن الأول أيسر من الثاني، وأقرب. والله أعلم" (?).
قال الماوردي: "والإِحْدَادُ: الامتناع من الزينة، والطيب، والترجل، والنُّقْلة" (?).