قال الزمخشري: أي: "لا تضارّ والدة زوجها بسبب ولدها، وهو أن تعنف به وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد، وأن تقول بعد ما ألفها الصبى: اطلب له ظئراً، وما أشبه ذلك ولا يضارّ مولود له امرأته بسبب ولده، بأن يمنعها شيئا مما وجب عليه من رزقها وكسوتها ولا يأخذه منها وهي تريد إرضاعه، ولا يكرهها على الإرضاع. وكذلك إذا كان مبنياً للمفعول فهو نهى عن أن يلحق بها الضرار من قبل الزوج، وعن أن يلحق بها الضرار بالزوج من قبلها بسبب الولد: ويجوز أن يكون (تُضَارَّ) بمعنى تضر، وأن تكون الباء من صلته، أى لا تضرّ والدة بولدها، فلا تسيء غذاءه وتعهده، ولا تفرط فيما ينبغي له، ولا تدفعه إلى الأب بعد ما ألفها. ولا يضرّ الوالد به بأن ينتزعه من يدها أو يقصر في حقها فتقصر هي في حق الولد" (?).
وقد اختلفت القراءة في قوله تعالى {لا تُضَارَّ} [البقرة: 233]، على وجوه (?):
أحدها: {لا تُضَارُّ}، بالرفع على الإخبار، قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو وقتيبة عن الكسائي، وهو يحتمل البناء للفاعل والمفعول، وأن يكون الأصل: تضارر بكسر الراء، وتضارر بفتحها.
والثاني: رلا تُضَارَّ}، بالفتح. قراءة الجمهور.
والثالث: {لا تُضَارِّ}، بالكسر على النهى، قرأ بها الحسن،
قال الرازي: "وهو جائز في اللغة" (?)، وهو محتمل للبناءين أيضاً.
ويبين ذلك أنه قرئ {لا تضارَرْ}، و {لا تضارِرْ}، بالجزم وفتح (الراء) الأولى وكسرها.
والرابع: {لا تضارّْ}، بالسكون مع التشديد على نية الوقف. قراءة أبي جعفر.
والخامس: (لا تضارْ) بالسكون والتخفيف، قرأ بها الأعرج، وهو من ضاره يصيره. ونوى الوقف كما نواه أبو جعفر، أو اختلس الضمة فظنه الراوي سكونا.
والسادس: وعن كاتب عمر بن الخطاب: {لا تضرر}.
قوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلِكَ} [البقرة: 233]، " أي وعلى الوارث مثلُ ما على والد الطفل من الإِنفاق على الأم والقيام بحقوقها وعدم الإِضرار بها" (?).
واختلف أهل التفسير في {الْوَارِثِ} الذي عناه الله تعالى، فذكروا فيه وجوها (?):
أحدها: أن الوارث هو المولود نفسه، وهذا قول قبيصة بن ذؤيب (?) (?)، وبشير بن نصر المزني (?)، والضحاك (?).
ومعنى الآية على هذا الوجه: وعلى الوارث المولود، مثل ما كان على المولود له.
والثاني: أنه الباقي من والدي بعد وفاة الآخر منهما، وهو قول سفيان (?).
والثالث: أنه وارث الولد، وهذا قول الحسن (?)، والسدي (?)، وقتادة (?).