أحدها: أخرج الطبري بسنده عن مرة الهمداني قال: "أن رجلا من اليهود لقي رجلا من المسلمين فقال له: أيأتي أحدكم أهلهُ باركًا؟ قال: نعم. قال: فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فنزلت هذه الآية: {نساؤكم حرثٌ لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم}، يقول: كيف شاء، بعد أن يكون في الفرج" (?).
والثاني: وأخرج الطبري بسنده عن عبد الله بن علي: أنه بلغه أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا يومًا ورجل من اليهود قريبٌ منهم، فجعل بعضهم يقول: إنيّ لآتي امرأتي وهي مضطجعة. ويقول الآخر: إني لآتيها وهي قائمة. ويقول الآخر: إني لآتيها على جنبها وباركةً. فقال اليهودي: ما أنتم إلا أمثال البهائم! ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة! فأنزل الله تعالى ذكره: {نساؤكم حرثٌ لكم}، فهو القُبُل" (?).
والثالث: وقال الربيع: " ذكر لنا - والله أعلم - أن اليهود قالوا: إن العرب يأتون النساء من قِبَل إعجازهن، فإذا فعلوا ذلك، جاء الولد أحول، فأكذب الله أحدوثتهم فقال: {نساؤكم حرثٌ لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} " (?). وأخرج الواحدي عن جابر بن عبدالله (?) نحو ذالك.
والرابع: قال نافع: " كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلم. قال: فقرأت ذات يوم هذه الآية: {نساؤكم حرثٌ لكم، فأتوا حرثكم أنى شئتم}، فقال: أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت: لا! قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن" (?). وروي عن ابن عباس (?) مثل ذلك.
والخامس: وقال عطاء بن يسار: "أن رجلا أصاب امرأته في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر الناس ذلك وقالوا: أثْفَرها! فأنزل الله تعالى ذكره: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}، الآية" (?).
والسادس: وقال مجاهد: "عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عَرَضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية وأساله عنها، حتى انتهى إلى هذه الآية: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}، فقال ابن عباس: إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة، ويتلذذون بهن مقبلاتٍ ومدبراتٍ. فلما قدموا المدينة تزوّجوا في الأنصار، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بالنساء بمكة، فأنكرن ذلك، وقلن: هذا شيء لم نكن نُؤْتَى عليه! فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}، إن شئت فمقبلة، وإن شئت فمدبرة، وإن شئت فباركة، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث. يقول: ائت الحرث من حيث شئت " (?). وأخرجه الواحدي في رواية الكلبي عن ابن عباس (?).