8 - ومن فوائد الآية: وجوب اعتزال المرأة حال الحيض؛ لقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض}؛ وقد بينت السنة ماذا يعتزل منهن - وهو الجماع -؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» (?).
9 - ومنها: منة الله على الرجل والمرأة في اعتزالها حال الحيض؛ لأنه أذًى مضر بالمرأة، ومضر بالرجل.
10 - ومنها: تحريم الوطء بعد الطهر قبل الغسل؛ لقوله تعالى: {فإذا تطهرن فأتوهن}.
11 - ومنها: وجوب جماع الزوجة بعد طهرها من الحيض؛ لقوله تعالى: {فأتوهن}؛ وقد قال به بعض أهل العلم؛ ولكن هذا القول ضعيف جداً؛ والصواب أن الأمر فيه لرفع الحظر؛ لأنه ورد بعد النهي؛ ويبقى الحكم على ما كان عليه قبل النهي.
12 - ومنها: أنه لا يجوز للإنسان أن يتعدى حدود الله لا زماناً ولا مكاناً فيما أباحه الله من إتيان أهله؛ لقوله تعالى: {فأتوهن من حيث أمركم الله}.
13 - ومنها: جواز وطء المرأة في فرجها من ورائها؛ لقوله تعالى: {فأتوهن من حيث أمركم الله}؛ ولم يحدد الجهة التي تؤتى منها المرأة.
14 - ومنها: أنه لا يباح وطؤها في الدبر؛ لقوله تعالى: {فأتوهن من حيث أمركم الله}، ولقوله تعالى في المحيض: {قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض}؛ ومن المعلوم أن أذى الغائط أقبح من أذى دم الحيض؛ وهذا - أعني تحريم وطء الدبر - قد أجمع عليه الأئمة الأربعة؛ ولم يصح عن أحد من السلف جوازه؛ وما روي عن بعضهم مما ظاهره الجواز فمراده إتيانها من الدبر في الفرج.
15 - ومنها: إثبات محبة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {إن الله يحب التوابين}؛ والمحبة صفة حقيقية لله عزّ وجلّ على الوجه اللائق به؛ وهكذا جميع ما وصف الله به نفسه من المحبة، والرضا، والكراهة، والغضب والسخط، وغيرها؛ كلها ثابتة لله على وجه الحقيقة من غير تكييف ولا تمثيل.
16 - ومنها: أن محبة الله من صفاته الفعلية - لا الذاتية -؛ لأنها علقت بالتوبة؛ والتوبة من فعل العبد تتجدد؛ فكذلك محبة الله عزّ وجلّ تتعلق بأسبابها؛ وكل صفة من صفات الله تتعلق بأسبابها فهي من الصفات الفعلية.
17 - ومنها: فضيلة التوبة، وأنها أمر مطلوب، وأنها من أسباب محبة الله للعبد؛ لقوله تعالى: {إن الله يحب التوابين}.
18 - ومنها: محبة الله تعالى للمتطهرين؛ لقوله تعالى: {ويحب المتطهرين}.
19 - ومنها: حسن أسلوب القرآن؛ لأنه جمع في هذه الآية بين التطهر المعنوي الباطني، والتطهر الحسي الظاهري؛ لقوله تعالى: {يحب التوابين} - وهي طهارة باطنة -؛ وقوله تعالى: {ويحب المتطهرين} - وهي طهارة ظاهرة -.
القرآن
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} [البقرة: 223]
التفسير:
نساؤكم موضع زرع لكم، تضعون النطفة في أرحامهن، فَيَخْرج منها الأولاد بمشيئة الله، فجامعوهن في محل الجماع فقط، وهو القبل بأي كيفية شئتم، وقَدِّموا لأنفسكم أعمالا صالحة بمراعاة أوامر الله، وخافوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه للحساب يوم القيامة. وبشِّر المؤمنين -أيها النبي- بما يفرحهم ويسرُّهم من حسن الجزاء في الآخرة.
في سبب نزولها أقوال: