والسابع: وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: "جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هلكتُ! ! قال: وما الذي أهلكك؟ قال: حوَّلتُ رحلي الليلة! قال: فلم يردّ عليه شيئًا، قال: فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}، أقبِل وأدبِر، واتق الدُّبر والحيْضة " (?). وأخرجه الواحدي في أسباب النزول (?).
والثامن: وقال حنش الصنعاني عن ابن عباس: أن ناسًا من حميرَ أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أشياء، فقال رجل منهم: يا رسول الله، إنّي رجل أحب النساء، فكيف ترى في ذلك؟ فأنزل الله تعالى ذكره في سورة (البقرة) بيان ما سألوا عنه، وأنزل فيما سأل عنه الرجل: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنَّى شئتم}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتها مُقبلةً ومُدبرةً، إذا كان ذلك في الفرج " (?).
قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]، يعني: " نساؤكم مُزدَرَعُ أولادكم" (?).
قال ابن عثيمين: " يعني زوجاتكم موضع حرث لكم، كما تكون الأرض حرثاً للزارع يبث فيها الحب؛ فيخرج الحب، وينمو، ويُنتفع به؛ كذلك النساء بالنسبة للرجال حرث يضع فيها الإنسان هذا الماء الدافق، فينزرع في الرحم حتى ينمو، ويخرج بشراً سوياً" (?).
عن ابن عباس: " {فأتوا حرثكم}، قال: منبت الولد" (?).
وعن السدي: " {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}، أما (الحرث)، فهي مَزْرَعة يحرث فيها" (?).
قوله تعالى: " {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، أي "كيف شئتم، قائمة وقاعدة ومضطجعة، بعد أن يكون في مكان الحرث " الفرج " وهو رد لقول اليهود: إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول" (?).
قال ابن كثير: " أي: كيف شئْتم مقبلة ومدبرة في صِمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث" (?).
قال ابن عثيمين: " أي من حيث شئتم؛ فـ {أنى} ظرف مكان؛ والمعنى: ائتوا هذا الحرث من أي جهة شئتم؛ من جهة القبل - يعني الأمام -؛ أو من جهة الخلف؛ أو على جنب؛ المهم أن يكون الإتيان في الحرث" (?).
قال الطبري: " فانكحوا مزدرَع أولادكم من حيث شئتم من وجوه المأتى" (?).