ولم تخرج دلالة هذه اللفظة عند المفسرين عن هذا المعنى إذْ ذكروا أنّ المراد هو الجماع، وعبّر عنه القرآن بالمباشرة؛ لأنّ المباشرة إلصاق البشرة بالبشرة، وهي ظاهر أحد الجلدين بالآخر. وثمة رأي آخر يرى أنّ المباشرة هي الجماع فما دونه (?). والأمر هنا للإباحة، وليس المراد ب (الآن) الإشارة إلى تشريع المباشرة حينئذٍ بل معناه (الآن) اتّضح الحكم فباشروهن ولا تختانوا أنفسكم (?). فهو بمثابة رخصة قد نزلت ولم تكن قبل ذلك لهم (?).

قوله تعالى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187]، "أي" اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد" (?).

قال ابن عثيمين: " وذلك بالجماع الذي يحصل به الإنزال (?).

قال المراغي: أي: " واطلبوا بتلك المباشرة ما قدر لهذا الجنس بمقتضى الفطرة من جعل المباشرة سببا للنسل، ولإحصان كل منهما الآخر وصده عن الحرام " (?).

قال ابن عاشور: " والابتغاء الطلب، وما كتبه الله: ما أباحه من مباشرة النساء في غير وقت الصيام أو اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد تحريضاً للناس على مباشرة النساء عسى أن يتكون النسل من ذلك وذلك لتكثير الأمة وبقاء النوع في الأرض" (?).

وقد اختلفوا في تأويل قوله: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187]، على أوجه:

أحدها: طلب الولد، وهو قول مجاهد (?)، وشعبة (?)، وعكرمة (?)، والحسن بن أبي الحسن (?)، والسدي (?)، وابن عباس (?)، والربيع (?)، وابن زيد (?)، والضحاك بن مزاحم (?).

والثاني: ليلة القدْر، وهو قول ابن عباس (?)، وكان يقرأ {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ}.

والثالث: ما أحل الله تعالى لكم ورخص فيه، وهذا قول قتادة (?).

والصواب ما قاله مجاهد- والله أعلم-: أي" واطلبوا ما قسم الله لكم وأثبت في اللوح من الولد بالمباشرة أي لا تباشروا لقضاء الشهوة وحدها ولكن لابتغاء ما وضع الله له النكاح من التناسل، أو وابتغوا المحل الذي كتبه الله لكم وحلله دون ما لم يكتب لكم من المحل المحرم" (?).

وقرأ ذلك بعضهم: {وَاتَّبِعُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015