قال المراغي: " أي فقبل توبتكم وعفا عن خيانتكم أنفسكم، إذ خالفتم ما كنتم تعتقدون حين فهمتم من قوله: {كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، تحريم ملامسة النساء ليلا، أو تحريمها بعد النوم كتحريم الأكل والشرب" (?).

قال النسفي: " {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 54] حين تبتم مما ارتكبتم من المحظور، {وَعَفَا عَنكُمْ} [البقرة: 187] ما فعلتم قبل الرخصة" (?).

قال أهل العلم: "والنسخ إلى الأسهل توبة كما في قوله تعالى في سورة المزمل: {علم أن لن تحصوه فتاب عليكم} [المزمل: 20]؛ فيعبر الله عز وجل عن النسخ بالتوبة إشارة إلى أنه لولا النسخ لكان الإنسان آثماً إما بفعل محرم؛ أو بترك واجب" (?).

وفي قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ} [البقرة: 187]، تأويلان (?):

أحدهما: العفو عن ذنوبهم.

والثاني: العفو عن تحريم ذلك بعد النوم.

قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]، " أي فالآن إذ أحلّ لكم الرفث إليهنّ بالنصّ الصريح، باشروهن" (?).

قال الماوردي: " يريد به الجماع، لأن أصل المباشرة من إلصاق البشرة بالبشرة، وكان ذلك منه بياناً لما كان في جماع عمر " (?).

قال ابن عاشور: يقول: فاللآن اتضح الحكم فباشروهن ولا تختانوا أنفسكم، والأمر للإباحة، وليس معنى قوله {فَالْآنَ} إشارة إلى تشريع المباشرة حينئذ"ٍ (?).

قال ابن عثيمين: أي: " فالآن بعد التحريم، وبعد تحقيق التوبة، والعفو باشروهن" (?).

قال الطبراني: "أي جامِعُوهن في ليالِي الصومِ فهو حلالٌ لكم. سُميت الْمُجَامَعَةُ مباشرةً؛ لتلاصُقِ بَشَرَةِ كلِّ واحد منهما لصاحبهِ (?).

قال ابن عباس: " المباشرة الجماع، ولكنّ الله كريمٌ يكني" (?). وفي رواية أخرى: ولكن الله يكني ما شاء بما شاء" (?).

وقال ابن جريج: " قلت لعطاء قوله: " فالآن باشرُوهن " قال: الجماع" (?).

و(البشَرة): هي أعلى جلد الوجه والجسد من الإنسان، وهو البَشَر اذا جمعته، وجمع الجمع أبشار، ومنه اشتقت مباشرة الرّجل المرأة لتضامّ أبشارهما؛ أو باشر الرّجل المرأة، أي: إفضاؤه ببشرته إلى بشرتها (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015