والقول الأخير هو الأقرب الى الصواب، والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 187]؛ "أي علم الله أنكم كنتم تخونون أنفسكم" (?).

قال النسفي: أي: "تظلمونها بالجماع وتنقصونها حظها من الخير" (?).

قال صاحب الكشاف: "والاختيان من الخيانة، كالاكتساب من الكسب فيه زيادة وشدة" (?).

قال الطبراني: "أي عَلِمَ اللهُ أنكم كنتم تَظْلِمُونَ أنفُسَكم بمعصيتكم وجِماعِكم بعد العشاءِ الأخيرة في ليالِي الصَّومِ" (?).

قال ابن عثيمين: "أي تخادعونها بإتيانهن، بحيث لا تصبرون" (?).

قال المراغي: " أي تخونون أنفسكم بعمل شىء تعدونه حراما" (?)، أو: "تنقصونها بعض ما أحل لها من اللذات" (?)، "إذ تعتقدون شيئا ثم لا تلتزمون العمل به، إذ قد ذهب بهم اجتهادهم إلى أنهم يحرمون على أنفسهم بعد النوم في الليل ما يحرم على الصائم في النهار، لكنهم قد خانوا أنفسهم بحسب اعتقادهم فهم عاصون بما فعلوا" (?).

وفي سبب هذه الخيانة التي كان القوم يختانون أنفسهم، شيئان (?):

أحدهما: إتيان النساء.

الثاني: الأكل والشرب.

والظاهر - والله أعلم -: "أن هذا الاختيان بكون الإنسان يفتي نفسه بأن هذا الأمر هين؛ أو بأنه صار في حال لا تحرم عليه زوجته؛ وما أشبه ذلك؛ وأصل هذا أنهم كانوا في أول الأمر إذا صلى أحدهم العشاء الآخرة، أو إذا نام قبل العشاء الآخرة فإنه يحرم عليه الاستمتاع بالمرأة والأكل والشرب إلى غروب الشمس من اليوم التالي؛ فشق عليهم ذلك مشقة عظيمة حتى إن بعضهم لم يصبر؛ فبين الله عز وجل حكمته، ورحمته بنا، حيث أحل لنا هذا الأمر؛ ولهذا قال تعالى: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم} " (?).

قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ} [البقرة: 187]، "أي فقبل توبتكم وعفا عنكم لما فعلتموه قبل النسخ" (?).

قال ابن عثيمين: "أي: تاب عليكم بنسخ الحكم الأول الذي فيه مشقة؛ وتجاوز عما وقع منكم من مخالفة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015