إحدهما: {الرَّفَثُ}، قراءة الجمهور.

والثانية: {الرُّفُوثُ}، برفع الواو والفاء وبواو، قرأ بها ابنُ مسعود والأعمشُ

والرفوثُ والرفثُ كنايةٌ عن الجِماع، قال الشاعرُ (?):

فَضَلْنَا هُنَالِكَ فِي نِعْمَةٍ ... وَكُلِّ اللَّذَاذَةِ غَيْرُ الرَّفَثِ

وقال القُتَيبيُّ: "الرَّفَثُ: هُوَ الإفْصَاحُ عَمَّا تُحِبُّ أنْ يُكْنَى بهِ عَنْ ذِكْرِ النِّكَاحِ؛ وَأصْلُهُ الْفُحْشُ وَالْقَوْلُ الْقَبيْحُ" (?).

قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقر: 187]، أي "هن سَكَنٌ لكم وأنتم سَكَنٌ لَهن" (?).

قال صاحب الكشاف: " هو استئناف كالبيان لسبب الإحلال، وهو أنه إذا كانت بينكم وبينهنّ مثل هذه المخالطة والملابسة قلّ صبركم عنهنّ وصعب عليكم اجتنابهنّ، فلذلك رخص لكم في مباشرتهنّ" (?).

قال ابن عثيمين: "أي تعليل حل الرفث إلى النساء ليلة الصيام - لأن الزوج لا يستغني عن زوجه فهو لها بمنزلة اللباس؛ وكذلك هي له بمنزلة اللباس؛ وعبر سبحانه باللباس لما فيه من ستر العورة، والحماية، والصيانة؛ وإلى هذا يشير قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج" (?) (?).

قال الراغب: " جعل اللباس كناية عن الزوج، لكونه ستراً لنفسه ولزوجه أن يظهر منهما سوء، كما أن اللباس يمنع أن تبدو السوءة، وعلى ذلك جعلت المرأة إزاراً، وسمي النكاح حصنا، لكونه حصيناً لذويه عن تعاطي القبيح.

قال الأصم: "أي: كأن يعطي كل واحد على الآخر ما يتعاطاه من الاختيارمن قولهم: لبست عليه ذيلي" (?).

قال الشوكاني: " وجعل النساء لباسا للرجال والرجال لباسا لهن لإمتزاج كل واحد منهما بالآخر عند الجماع كالإمتزاج الذي يكون بين الثوب ولابسه قال أبو عبيدة وغيره يقال للمرأة لباس وفراش وإزار وقيل إنما جل كل واحد منهما لباسا للآخر لأنه يستره عنده الجماع عن أعين الناس" (?).

وفي تفسير قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة: 187]، قولان (?):

أحدها: بمنزلة اللباس، لإفضاء كل واحد منهما إلى صاحبه، يستتر به كالثوب الملبوس، كما قال النابغة الجعدي (?):

إذا ما الضّجِيعُ ثَنَى جِيدَها ... تَثَنّت عليه فَكانَتْ لِباساً

فكنى عن اجتماعهما متجردين في فراش واحد ب " اللباس "، كما يكنى ب " الثياب " عن جسد الإنسان، كما قالت ليلى، وهي تصف إبلا ركبها قومٌ (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015