سماه اختيانا لأنفسهم (?). إذْ كان الرّجل إذا أمسى حلَّ له الأكل، والشرب، والجماع إلى أنْ يصلي العشاء الآخرة، أو يرقد، فإذا صلاّها، أو رقد ولم يفطر، حرّم عليه الطّعام، والشّراب، والنّساء إلى القابلة. وقد واقع عدد من الرجال نساءهم بعد العشاء، فاعترفوا للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فنزلت الآية (?).
وفي تقديم الظرف (لَيْلَةَ الصِّيَامِ) على (الرَّفَثُ) تشويق؛ لأنّ ما حقّه التقديم إذا تأخّر تبقى النفس إليه مترقبة فيتمكن وقت وروده فضل تمكن (?).
وفي اللغة العربية تدل كلمة (الرفث) (?) على معنيين:
أحدهما: رفث اللسان: قيل: الرفث أصله قول الفحش، يقال: رفث وأرفث إذا تكلم بالقبيح، ومنه قول العجاج (?):
وربِّ أسْرَابِ حَجيجٍ كُظَّمِ ... عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ
فالمقصود بـ (الرفث) هنا القول الذي يصدر من اللسان.
وكذلك جاء في أساس البلاغة: "رَفثَ في كلامه، وأرفثَ، وترفّثَ: أفْحشَ وأفْصحَ بما يجب أنْ يُكنّى عنه من ذكر النّكاح " (?) ثم استشهد بقول العجاج السابق.
قال الخليل: "الرّفث: الجماع، رفثَ إليها وتَرْفثَ، وهذه كناية وفلان يَرفثُ، أي: يقول الفُحش، وقال ابن عباس: الرفث ما قيل عند النّساء، وقوله عزّ وجلّ: (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) إنّما نهى عن قول الفحش" (?).
الثاني: ويأتي (الرفث) بمعنى الوقاع نفسه، بدليل قول الشاعر أيضًا (?):
ويرين من أنس الحديث زوانيا ... وبهن عن رفث الرجال نفار
فالمراد بالرفث هنا هو الوقاع.
قلت: ولا شك أن الرفث الذي حُرم في الصوم ليس هو كل ما يتعلق بالجماع حتى النظر من الرجل إلى امرأته النظرة بشهوة إلى غير ذلك؛ لأن هذا مما لم نعرفه من قبل ولو أطلقنا ذلك لترتب على ذلك ضرر كبير، والله تبارك وتعالى ما جعل علينا في الدين من حرج.
وقد روي أنها في قراءة عبد الله: {أحل لكم ليلة الصيام الرفوثُ إلى نسائكم} (?).
وفي قوله تعالى: {الرَّفَثُ} [البقرة: 187]، قراءتان (?):