الثا ني: وقرأ الحسن والأعرج بكسر اللام: {فَلِيَصُمْهُ}.
قال القرطبي: "وهي لام الأمر وحقها الكسر إذا أفردت، فإذا وصلت بشيء ففيها وجهان: الجزم والكسر، وإنما توصل بثلاثة أحرف: بالفاء كقوله {فَلْيَصُمْهُ} {فَلْيَعْبُدُوا} [قريش: 3]. والواو كقوله: {وَلْيُوفُوا} [الحج: 29]. وثم كقوله: {ثُمَّ لْيَقْضُوا} [الحج: 29] " (?).
واختلف العلماء في معنى (شهود الشهر) في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185]، على أقوال (?):
أحدها: أنه مُقام المقيم في داره. قالوا: فمن دخل عليه شهرُ رمضان وهو مقيم في داره، فعليه صوم الشهر كله، غابَ بعدُ فسافر، أو أقام فلم يبرح.
وهذا قول علي بن أبي طالب وابن عباس وسويد بن غفلة وعائشة - أربعة من الصحابة - وأبو مجلز لاحق بن حميد وعبيدة السلماني (?).
فقالوا: "وإنما يفطر في السفر من دخل عليه رمضان وهو في سفر، والمعنى عندهم: من أدركه رمضان مسافرا أفطر وعليه عدة من أيام أخر، ومن أدركه حاضرا فليصمه" (?).
الثاني: أنه من شهد أول الشهر وآخره، فليصم ما دام مقيما، فإن سافر أفطر. قاله أبو اسحاق ومغيرة والحسن بن سعد والشعبي وشعبة وقتادة (?)، وهو قول الجمهور.
الثالث: أنه يعني: فمن شهده عاقلا بالغًا مكلفًا فليصمه، وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه (?).
والصواب هو القول الثاني، إذ عليه تدل الأخبار الثابتة. والله تعالى أعلم.
ثم اختلف أهل العلم في المرَض الذي أباح الله معه الإفطار، وأوجب معه عده من أيام أخر، وقد تقدم الحديث حول هذا الموضوع في الآية السابقة. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]؛ " أي ومن كان مريضاً أو مسافراً فأفطر فعليه صيام أيام أخر" (?).