قال ابن عثيمين: " المعنى: أن القرآن اشتمل على الآيات البينات - أي "الواضحات" (?)؛ فهو جامع بين الهداية، والبراهين الدالة على صدق ما جاء فيه من الأخبار، وعلى عدل ما جاء فيه من الأحكام" (?).
وفي قوله تعالى: {وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، قولان:
أحدهما: أن المراد: القرآن يفرق بين الحق، والباطل. وهذا قول الجمهور.
والثاني: أن الفرقان: التوراة. قاله أبو صالح (?).
والراجح أن {َالْفُرْقَانِ}: "مصدر، أو اسم مصدر؛ والمراد أنه يفرق بين الحق، والباطل؛ وبين الخير، والشر؛ وبين النافع، والضار؛ وبين حزب الله، وحرب الله؛ فرقان في كل شيء؛ ولهذا من وفق لهداية القرآن يجد الفرق العظيم في الأمور المشتبهة؛ وأما من في قلبه زيغ فتشتبه عليه الأمور؛ فلا يفرق بين الأشياء المفترقة الواضحة" (?).
قال الزمخشري: "فإن قلت: ما معنى قوله: {وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى} بعد قوله: {هُدىً لِلنَّاسِ}؟ قلت: ذكر أوّلا أنه هدى، ثم ذكر أنه بينات من جملة ما هدى به اللَّه، وفرق به بين الحق والباطل من وحيه وكتبه السماوية الهادية الفارقة بين الهدى والضلال" (?).
قوله تعالى: {فمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]؛ " أي: فمن شهد منكم دخول الشهر بأن لم يكن مسافرا فليصمه" (?).
قال البيضاوي: أي: " فمن حضر في الشهر ولم يكن مسافراً فليصم فيه" (?).
قال القرطبي: أي: من شهد منكم المصر في الشهر عاقلا بالغا صحيحا مقيما فليصمه" (?).
قال الزمخشري: " أى: فمن كان حاضراً مقيما غير مسافر في الشهر، فليصم فيه ولا يفطر" (?).
قال المراغي: " وشهوده برؤية هلاله، فعلى كل من رآه أو ثبتت عنده رؤية غيره أن يصومه، والأحاديث في هذا ثابتة في الصحاح والسنن، وجرى عليها العمل من الصدر الأول إلى اليوم" (?).
واختلف أهل التفسير في قوله تعالى: {شَهِدَ} [البقرة: 185] على قولين (?):
أحدهما: أنه بمعنى: شاهد، وعلى هذا القول يرد إشكال في قوله تعالى: {الشهر}؛ لأن الشهر مدة ما بين الهلالين؛ والمدة لا تشاهد؛ والجواب أن في الآية محذوفاً؛ والتقدير: فمن شهد منكم هلال الشهر فليصمه.
الثاني: وقيل: بمعنى حضر.
والقول الثاني أصح: أن المراد بـ {شهد} حضر؛ ويرجح هذا قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ}؛ لأن قوله تعالى: {عَلَى سَفَرٍ} يقابل الحضر. والله أعلم.
وفي قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، وجهان من القراءة (?):
أحدهما: قراءة العامة بجزم اللام في {فَلْيَصُمْهُ}.