ابن المنذر من جهة قوله: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} قال: لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لايطيق الصيام لم يناسب أن يقال له: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} مع أنه لايطيق الصيام" (?). وحكي عن ابن باز رحمه الله تعالى أنه قال: "والصواب أن الآية منسوخة" (?) (?)، والله تعالى أعلم (?).

ومما يؤكد أن الآية منسوخة حديث ابن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لما نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكيناً ترك الصوم ممن يُطيقه ورُخص لهم في ذلك فنسختها {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} فأمروا بالصيام" (?) قال ابن حجر رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}: "في الكلام حذف تقديره: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية وكان هذا في أول الأمر عند الأكثر، ثم نسخ وصارت الفدية للعاجز إذا أفطر" (?) (?).

الرتبة الثانية: تحتم الصيام؛ لقول الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (?) لكن كان الصائم إذا نام قبل أن يطعم حَرُم عليه الطعام والشراب إلى الليلة القابلة (?).

الرتبة الثالثة: تحتم الصيام ووجوبه من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وهذه الرتبة نسخت الرتبة الثانية، وهي التي استقر عليها الشرع في الصيام إلى يوم القيامة (?)، فعن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: "كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندكِ طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل فغلبته عيناه - فجاءته امرأته فلما رأته قالت: خيبةً لك (?)، فلما انتصف النهار غُشي عليه فَذُكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} ففرحوا بها فرحاً شديداً، ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَد} " (?).

وفي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184]، عشرة أوجه من القراءات (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015