وهذا مذهب ابن عباس (?)، وعكرمة (?) -في أحد قوليه- وقتادة (?)، والربيع (?)، وخالفهم الأكثرون (?).

والثالث: أنه لم ينسخ ذلك ولا شيء منه، وهو حكم مثبتٌ من لَدُنْ نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة، وقالوا: إنما تأويل ذلك: وعلى الذين يطيقونه - في حال شبابهم وَحداثتهم، وفي حال صحتهم وقوتهم - إذا مَرضوا وكبروا فعجزوا من الكبر عن الصوم، فدية طعام مسكين لا أنَّ القوم كان رُخِّص لهم في الإفطار - وهم على الصوم قادرون - إذا افتدوا. وهذا قول السدي (?)، وابن عباس (?) في أحد قوليه، وسعيد بن مسيب (?).

والرابع: إنه الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان قد كبرا عن الصوم، فهما يكلفان الصوم ولا يطيقانه، فلهما أن يفطرا ويطعما مكانَ كلّ يوم أفطراه مسكينًا. وقالوا: الآية ثابتة الحكم منذ أنزلت، لم تنسخ، وأنكروا قول من قال: إنها منسوخة. وهذا قول ابن عباس (?)، وعلي (?)، وعكرمة (?)، وطاوس (?)، والضحاك (?)، وعطاء (?)، وسعيد بن جبير (?).

والراجح أن قوله تعالى {وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين}، هو تيسير من الله تعالى على عباده وتدرج في فرض الصوم، والمعنى أن الذين يستطيعون الصوم إذا أفطروا فإن عليهم فدية، وكان هذا في أول الأمر حيث جعل الله تعالى الصيام على التخيير من شاء صام، ومن شاء أفطر وفدى، فمعنى الآية: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية، ثم نسخت (?) هذه الآية في قول جمهور أهل العلم بقوله تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، ويدل على هذا المعنى ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع (?). والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015