يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية (?)، وكان هذا في أول الأمر عند الأكثر، ثم نسخ وصارت الفدية للعاجز إذا أفطر (?)، وقد تقدم في الصيام (?) حديث ابن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد لما نزل رمضان شق عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكيناً ترك الصوم ممن يطيقه، ورخص لهم في ذلك، فنسختها: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، وأما على قراءة ابن عباس فلا نسخ؛ لأنه يجعل الفدية على من تكلف الصوم وهو لا يقدر عليه فيفطر ويكفر، وهذا الحكم باق" (?).
واختلف في نسخ وحكم قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184]، وفيه ثلاثة أقوال (?):
أحدها: أنه كان ذلك في أول ما فرض الصوم، وكان من أطاقه من المقيمين صامَه إن شاء، وإن شاء أفطره وَافتدى، فأطعم لكل يوم أفطره مسكينًا، حتى نُسخ ذلك، وقد قال بكونها منسوخة جمع من العلماء (?).
وهذا قول عن علقمة (?)، وعكرمة (?)، والحسن البصري (?)، والأعمش (?)، وابن عمر (?)، والشعبي (?)، وعطاء (?)، وابن شهاب (?)، وابن عباس (?)، وسلمة بن الأكوع (?)، وابراهيم (?)، وابن سيرين (?)، والضحاك (?).
والثاني: أن لقوله: {وَعلى الذينَ يُطيقونه فدية طعامُ مسكين}، حُكمًا خاصًّا للشيخ الكبير والعجوز الذين يُطيقان الصوم، كان مرخصًا لهما أن يَفديا صومهما بإطعام مسكين ويفطرا، ثم نسخ ذلك بقوله: {فمن شَهد منكم الشهرَ فليصمه}، فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشاب إلا أن يعجزا عن الصوم، فيكون ذلك الحكم الذي كان لهما قبلَ النسخ ثابتًا لهما حينئذ بحاله.