والثاني: أن المراد من الأقربين من عدا الوالدين. وهو قول ابن عباس ومجاهد.
والثالث: أنهم جميع القرابات من يرث منهم ومن لا يرث، وهذا معنى قول من أوجب الوصية للقرابة، ثم رآها منسوخة.
والرابع: هم من لا يرثون من الرجل من أقاربه، فأما الوارثون فهم خارجون عن اللفظ.
والراجع أن " {الاقْرَبِينَ} جمع (الأقرب)، وظاهره أنه (أفعل) تفضيل، فكل من كان أقرب إلى الميت دخل في هذا اللفظ، وأقرب ما إليه الوالدان، فصار ذلك تعميماً بعد تخصيص، فكأنهما ذكراً مرتين: توكيداً وتخصيصاً على اتصال الخير إليهما، هذا مدلول ظاهر هذا اللفظ" (?).
قوله تعالى: {بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180]، " أي بما عرفه الشرع، وأقره؛ وهو الثلث فأقل" (?).
قال ابن كثير: " أي: بالرفق والإحسان" (?).
قال الصابوني: " أي بالعدل بأن لا يزيد على الثلث وألا يوصي للأغنياء ويترك الفقراء" (?).
قال أبو حيان: " أي: لا يوصى بأزيد من الثلث، ولا للغنيّ دون الفقير" (?).
قال السعدي: أي: " على قدر حاله من غير سرف، ولا اقتصار على الأبعد، دون الأقرب، بل يرتبهم على القرب والحاجة، ولهذا أتى فيه بأفعل التفضيل" (?).
قال الثعلبي: " يعني لا يزيد على الثلث ولا يوصي للغني ويدع الفقير. كما قال ابن مسعود: الوصيّة للأخل فالأخل أي الأحوج فالأحوج" (?).
قال المراغي: أي" بشىء من هذا الخير لا يعدّ في نظر الناس قليلا ولا كثيرا" (?).
والمراد بـ {المعروف}: "أن يوصي لأقربيه وَصيَّةً لا تجحف بورثته، من غير إسراف ولا تقتير، كما ثبت في الصحيحين أن سعدا قال: يا رسول الله، إن لي مالا ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأوصي بثُلُثَيْ مالي؟ قال: "لا" قال: فبالشَّطْر؟ قال: "لا" قال: فالثلث؟ قال: "الثلث، والثلث كثير؛ إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" (?) " (?).
وفي صحيح البخاري: أن ابن عباس قال: لو أن الناس غَضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الثلث، والثلث كثير" (?).
وروى الإمام أحمد، عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن ذيال بن عبيد بن حنظلة، سمعت حنظلة بن حذيم بن حنيفة: "أن جده حنيفة أوصى ليتيم في حجره بمائة من الإبل، فشقّ ذلك على بنيه، فارتفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال حنيفة: إني أوصيت ليتيم لي بمائة من الإبل، كنا نسميها المطيبة. فقال